للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن الناسخ في الحقيقة هو الله، ولذلك أضاف النسخ إلى نفسه في قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (١)، فالنسخ هو فعل الناسخ، وفعله هو هذه المدارك وجعلها ناسخًا، فالمصدر في التحقيق هو هذه المدارك، فاندفع السؤال (٢).

وأجيب عن الثاني - الذي هو خروج الفعل والإقرار من الحد لكونهما غير خطاب - بأن فعله عليه السلام وإقراره يدل على ورود خطاب الله تعالى الدال على ارتفاع الحكم أو على ثبوت الحكم؛ إذ ليس للرسول عليه السلام رفع الحكم ولا إثباته من تلقاء نفسه؛ لأنه مبلغ عن الله تعالى أحكامه للعباد، فيندرج فعله عليه السلام وإقراره في الخطاب، وهذا الجواب أيضًا هو جواب عن الثالث (٣).

وأجيب عن الرابع الذي هو قولنا: رفع الحكم الشرعي محال: بأن المراد بالحكم الشرعي ها هنا ما يجعل المكلف بعد أن لم يكن، وهو الخطاب المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وهو تعلق تنجيز التكليف، وهو كون المخاطب مكلفًا بالإتيان بالمكلف به عند تعلق الخطاب به، وليس المراد بالحكم الشرعي ها هنا الحكم القديم الأزلي (٤).

وأجيب عن الخامس الذي هو قولنا: لولاه لكان ثابتًا حشو: بأنه أتى به


(١) البقرة: ١٠٦.
(٢) انظر: إحكام الآمدي ٣/ ١٠٦، وشرح العضد ٢/ ١٨٦، وشرح القرافي ص ٣٠٢، وشرح المسطاسي ص ٥٤.
(٣) انظر: الإحكام للآمدي ٣/ ١٠٦، وشرح العضد ٢/ ١٨٦، وفواتح الرحموت ٢/ ٥٣، وشرح حلولو ص ٢٥٦.
(٤) انظر: المستصفى ١/ ١٠٩، وروضة الناظر ص ٧١، والمسطاسي ص ٥٤.