للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الخطاب يقتضي الدوام في اعتقادنا، وإنما الخلاف بينهما: هل يقتضي الدوام في نفس الأمر؟ قاله القاضي، أو لا يقتضيه؟ قاله الإمام.

قال القاضي: النسخ بمنزلة الفسخ، فكما أن الإجارة إلى شهر مثلاً يمكن فسخها في أثناء الشهر؛ لأن شأنها أن تدوم إلى تمام الشهر، فكذلك النسخ لا يكون إلا فيما شأنه أن يدوم (١)، وأما بعد الشهر فلا يمكن الفسخ لعدم الدوام، فيقتضي الخطاب عنده الدوام إلا أن يبطله الناسخ.

وقال الإمام والجماعة (٢): لا يقتضي الخطاب الدوام في نفس الأمر، وإنما يقتضي الحكم إلى الغاية التي بيّنها النسخ.

حجة القاضي: أن معنى النسخ لغة هو: الإزالة والرفع، فوجب أن يكون عرفًا كذلك؛ لأن الأصل عدم النقل والتغيير (٣).

وحجة الإمام ما قاله المؤلف وهو قوله: (لو كان دائمًا في نفس الأمر لعلمه الله دائمًا ...) إلى آخره، وتقدير (٤) هذا الدليل: لو كان الحكم المتقدم يقتضي دوامه في نفس الأمر إلى أن رفعه الناسخ، لَعلمه الله تعالى دائمًا فيما


= لأنهم وإن قالوا: إنه بيان، فإنهم لم يتفقوا على أنه بيان انتهاء مدة الحكم .. والله أعلم.
انظر: شرح حلولو ص ٢٥٧.
(١) انظر: شرح القرافي ص ٣٠٢، والمسطاسي ص ٥٤.
(٢) قال المسطاسي في شرحه: وإليه ذهب أكثر الفقهاء، وبه قال ابن فورك وأبو الطيب الطبري، وإليه رجع إمام الحرمين في البرهان، وهو اختيار المؤلف ها هنا. اهـ.
انظر: المسطاسي ص ٥٤، وانظر: البرهان فقرة ١٤١٢.
(٣) انظر: مفتاح الوصول للشريف التلمساني ص ١٠٧، والمسطاسي ص ٥٥.
(٤) هكذا في الأصل، ولعلها: "وتقرير".