للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الإرادة: فلأن [الله] (١) تعالى لو شرعه دائمًا لأراد دوامه، ولو أراد دوامه لوجب دوامه، ولو وجب دوامه لاستحال نسخه؛ لأن خلاف مراده محال (٢).

فلو صح رفع الحكم بالنسخ كما قال القاضي للزم مخالفة هذه الصفات الثلاث، فتعين بذلك أن الحكم كان دائمًا في اعتقادنا لا في نفس الأمر، فالناسخ مزيل للدوام من اعتقادنا لا من نفس الأمر (٣)، فالنسخ على هذا بمنزلة تخصيص العام، ولهذا قالوا: النسخ تخصيص في الأزمان (٤).

قال بعضهم: هذا الخلاف بين القاضي والإمام، إنما هو اختلاف حال وليس باختلاف مقال، فقول القاضي: النسخ هو: الحكم المتأخر يزيل المتقدم، إنما هو بالنسبة إلى اعتقادنا، وقول الإمام والجماعة: هو بيان انتهاء مدة الحكم، إنما هو بالنسبة إلى ما في نفس الأمر، فعلى هذا فلا خلاف بين الفريقين (٥).

...


(١) غير واضحة في الأصل.
(٢) انظر: شرح القرافي ص ٣٠٢.
(٣) انظر: شرح القرافي ص ٣٠٣، والمسطاسي ص ٥٥.
(٤) انظر: المسألة الثانية والثالثة من مسائل النسخ من موافقات الشاطبي ٣/ ١٠٤ - ١٠٨ تجد أن النسخ عند المتقدمين يشمل: تقييد المطلق، وبيان المجمل، وتخصيص العام بالمتصل أو المنفصل، ورفع الحكم بدليل متأخر، وأن هذا أيضًا يمكن أن يجري على قواعد المتأخرين.
لأن المجمل بعد بيانه، والعام بعد تخصيصه، والمطلق بعد تقييده أصبح غير الأول، بحيث لا يعمل بالأول مع أي منها.
وانظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ١٤/ ١٠١، وإعلام الموقعين ١/ ٣٥، وانظر: شرح المسطاسي ص ٥٥.
(٥) انظر: شرح المحصول للقرافي لوحة ٢٦٦ من المخطوط رقم ٨٢٢٤ ف، مصور فلميًا بجامعة الإمام، وانظر: شرح المسطاسي ص ٥٥.