للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ...} (١) الآية، وكقوله عليه السلام: "كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة التي دفت عليكم وأما الآن فكلوا وتصدقوا وادخروا"، وكقوله عليه السلام: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرًا"، وكقوله عليه السلام (٢): "نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا وكل مسكر حرام".

ومثال النص (٣) على ثبوت النقيض: (٤) وقوف الواحد للاثنين فإنه يناقض وقوف الواحد للعشرة (٥)؛ لأن ما بين الاثنين والعشرة يقتضي أحد الدليلين جواز الهروب منه والآخر يقتضي منع الهروب، فالجمع بين الجواز والمنع جمع بين النقيضين (٦) وهو ممنوع، فيقتضي أن أحد الدليلين ناسخ


(١) الأنفال: ٦٦.
(٢) "كنت" زيادة في ز.
(٣) قوله: النص على ثبوت النقيض، وكذا قوله في المثال الثاني: النص على ثبوت الضد فيهما إيهام؛ لأن النسخ إما أن يعلم بالنص على الرفع، أو بثبوت النقيض أو الضد مع العلم بالتأريخ، وبقوله: النص على الضد والنص على النقيض كأنه جعل القسمين قسمًا واحدًا، فلو جارى القرافي في عبارته، وقال: ثبوت الضد وثبوت النقيض لكان أولى.
(٤) نقيض الشيء هو المقابل له سواء بسواء، فالنقيضان صفتان تتعاقبان على محل واحد يستحيل اجتماعهما وارتفاعهما، كالحركة والسكون والوجود والعدم، والفرق بينهما وبين الضدين أن الضدين يستحيل اجتماعهما ويمكن ارتفاعهما كالسواد والبياض. انظر: التعريفات للجرجاني مادة (ضد).
(٥) في المثال نظر لأن النسخ هنا ثابت بالنص على الرفع وهو قوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} إلا أن يريد بالمثال التقريب دون نظر إلى الواقعة.
(٦) قال صاحب المحصول: إن النقيضين هما الثقل والتخفيف، فيكون وجهًا آخر للتمثيل مع ما ذكر المؤلف.
انظر: المحصول ١/ ٣/ ٥٦١.