للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا رأوا من يحفظ الأقوال ويسردها قالوا: ما هو إلا فقيه حافظ، وإن كان لا معرفة له بحقيقة ما يقول، كما قال الشاعر:

يقولون أقوالاً [و] (١) ما يعرفونها ... وإن قيل (٢) هاتوا حققوا لم يحققوا (٣)

وقال آخر:

زوامل للأسفار لا علم عندهم ... بجيدها إلا كعلم الأباعر

لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأوساقه أو راح (٤) ما في الغرائر (٥)

وحسبك دليلاً أن الله تعالى سمى مثل هؤلاء أميين، فقال: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلا يَظُنُّونَ} (٦).

وقوله: أماني، أي: تلاوة (٧)، فسماهم الله تعالى أميين وإن كانوا حافظين للكتاب (٨)، فإن الحفظ غير مقصود لنفسه، وإنما المقصود فهم المعاني


(١) ساقط من الأصل.
(٢) "لهم" زيادة في الأصل.
(٣) أورده المسطاسي في شرحه ص ١٩٥، ولم أجده.
(٤) "ارواح" في ز.
(٥) الزوامل جمع زاملة، وهي الدابة التي يعمل عليها، من الإبل وغيرها.
ومراده هنا الإبل. والغرائر جمع غرارة، وهي ما يجعل فيها المتاع ثم تجعل على الدابة. والبيتان لمروان بن أبي حفصة، انظرهما في المصون في الأدب لأبي أحمد العسكري ص ١٠، والمزهر للسيوطي ٢/ ٣١١. وفيهما: زوامل للأشعار.
وقد أورد البيتين ابن قتيبة في عيون الأخبار ٢/ ١٣٠، غير منسوبين إلا أنه قال: لعمرك ما تدري المطي إذا غدا بأحمالها.
(٦) البقرة: ٧٨.
(٧) انظر: تفسير ابن كثير ١/ ١١٧.
(٨) في هامش الأصل كتب الناسخ ما يلي: انظر بالله، الحافظ غير الفاهم هو أمي.