للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى التلفيف: أن تلف (١) شيئين في الذكر ثم تومئ بتفسيرهما جملة، ثقة بأن السامع (٢) يرد كل (٣) تفسير إلى اللائق به.

مثاله: قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (٤) الأول للأول، الثاني للثاني (٥)

ومنه قول امرئ القيس:

كأنَ قلوبَ الطيرِ رطْبًا ويابسًا ... لدا وَكْرِهَا العنَّاب والحشفُ البالي (٦)


(١) في ز: "تولف".
(٢) في ز: "السماع".
(٣) في ز: "يرد فيه كل".
(٤) سورة القصص، آية رقم ٧٣.
(٥) قال أبو الفتح عثمان بن جني في المنصف (٢/ ١١٧) بعد إيراده لهذه الآية: وإنما تقديره - والله أعلم -: ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا من فضله، فترك التفصيل لعلم المخاطبين بوقت الابتغاء من وقت السكون.
(٦) قائل هذا البيت هو امرؤ القيس في قصيدة له مطلعها:
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي؟
تقديره: كأن قلوب الطير، رطبًا: العناب، ويابسًا: الحشف، إلا إنه جمع بينهما؛ لأن المعنى مفهوم.
يقول: كأن الرطب من قلوب الطير وما جاءت به العقاب حديثًا العناب، وكأن ما يبس منها وقدم الحشف وهو: البالي من التمر ورديئه، وذلك بسبب كثرة ما تأتي به من القلوب حتى تفضل عن الفراخ.
انظر: ديوان امرئ القيس تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ص ٣٨، المنصف لابن جني ٢/ ١١٧، المصون في الأدب تأليف أحمد العسكري تحقيق عبد السلام هارون ص ٦٥, أسرار البلاغة للجرجاني ص ١٦٨.