للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: هذه الأشياء القليلة التي لم نعلم مصالحها فيها مصالح، وإن كنا لا نعلمها قياسًا للقليل على الكثير لتطرد قاعدة الشرع في عادته في رعاية مصالح العباد.

قوله: (طردًا (١) لقاعدة (٢) الشرع) أي: تعميمًا لقاعدة الشرع.

قال المؤلف في الشرح: ومثال ما ذكرته: أن ملكًا إذا كانت عادته أنه لا يخلع اللباس الأخضر إلا على الفقهاء، فرأيناه خلع الأخضر على رجل لم نعرفه، فإنّا نعتقد أن ذلك الرجل فقيه لأجل قاعدة ذلك الملك (٣).

قوله: (في عادته في رعاية مصالح العباد على سبيل التفضل) هذا إجماع أهل السنة.

خلافًا لأهل الاعتزال القائلين: بأن الله عز وجل (٤) يراعي مصالح العباد على سبيل الوجوب العقلي (٥)، ومعنى ذلك عندهم: أنه يستحيل عليه تعالى


(١) في ط: "وطرد".
(٢) في ط: "القاعدة".
(٣) شرح التنقيح للقرافي ص ٧٢.
(٤) "عز وجل" لم ترد في ط.
(٥) ذكر الشاطبي مذهب الأشاعرة والمعتزلة فى المصالح والمفاسد، وذلك أن الأشاعرة يقولون: إن معرفة المصالح والمفاسد يتبين بتتبع موارد الشرع واستقراء الشريعة. والمعتزلة يقولون: العقل يدرك المصالح والمفاسد قبل الشرع، وجعلوا الشرع كاشفًا لمقتضى ما دعاه العقل عندهم، فعلى هذا: لا فرق بين مذهب الأشاعرة والمعتزلة؛ فاختلافهم في المدرك، فالأشاعرة يقولون: لا قبل للعقل بإدراكها، والمعتزلة يقولون: بل العقل يدركها قبل الشرع، والنتيجة واحدة، وهي: أن المصالح والمفاسد معتبرة في الأحكام الشرعية.
انظر: الموافقات ٢/ ٤٤، ٤٥.