الجوابُ: من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكنه في مَقام الجيْر يُضِيف اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الشيء إلى نَفْسه تَمَدُّحًا، وفي مَقام خِلاف ذلك تَأتي الأفعال مَبنيَّةً للمَجهول، وانظُرْ إلى قول الجِنِّ:{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[الجن: ١٠]، ففي الشَّرِّ قالوا:{أُرِيدَ}، وفي الرَّشَد أَضافوه إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن الشَّرَّ لا يُضَاف إلى اللَّه تعالى كما قال النبيُّ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ"(١)، فلا يَجوز للإنسان أن يُضيف الشَّرَّ إلى اللَّه تعالى أبدًا.
فالشَّرُّ إنما يَكون في المَفْعولات لا في الفِعْل؛ لأن مَفْعولاتِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لها جِهتان:
وأمَّا باعتِبارها فِعْلًا للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فليس فيها شرٌّ؛ لأن اللَّه تعالى ما قدَّرها إلَّا لحِكْمةٍ.
ثُمَّ لو تَأمَّلتَ الأشياءَ التي هي شَرٌّ لوجَدْت أنها تَتَضمَّن خيرًا ولو كانت شَرًّا؛ فالفَساد في البَرِّ والبَحْر من الجدْب والفَقْر وغير ذلك شَرّ، لكِن ماَلُهُ الخيرُ؛ قال تعالى:{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[آل عمران: ٧٢].
(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧١)، من حديث علي -رضي اللَّه عنه-.