للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِية قُصورَ كِسْرَى، وَفي الثَّالِثَة قُصورَ صَنْعَاءِ اليَمَنِ، وَأَنَّهَا سَتُفْتَحُ" (١) وهذه بِشارة للمُؤمِنين وتَقوِية.

لكنَّ المُنافِقين -والعِياذُ باللَّهِ- الذين لا يَثِقون بوَعْد اللَّه ورَسوله، قالوا: كيف هذا، الإنسان الآنَ لا يَستَطيع أن يَذهَب إلى الغائِط؛ ليَقضِيَ حاجته؟ ! فكَيْف نَملِك قُصورَ كِسْرى وقَيْصر وتُبَّعٍ؟ ! هذا ليس صحيحاً! !

ولهذا يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ضَعْف اعتِقاد {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} بالنَّصْر {إِلَّا غُرُورًا}].

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: تصويرُ الحال التي كان عليها المُؤمِنون في تلكَ اللَّحظةِ، وهو الابتِلاء العَظيم؛ هذا ابتِلاء بالنِّسبة لما حصَل من الأحزاب.

وبالنِّسبة لنُفوسهم هل هي مُستَقِرَّة؟

الجوابُ: لا، قال تعالى: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}، فَاجتَمَع عليهم الابتِلاءُ الظَّاهريُّ الذي يُشاهَد بالعَيان والابتِلاء الباطِني الذي هو زَلزلة النُّفوس، وعدَم استِقْرارها؛ ولهذا قال تعالى: {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيانُ القاعِدة العامَّة؛ وهو أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَذكُر النِّعَم مُضافةً إليه، ويَذكُر النِّقَم غالِبًا في البِناء للمَجهول، ومن هنا قال تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ}، {وَزُلْزِلُوا}، فمِن أين وقَع؟ وممَّن وقَع ذلك؟


(١) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٣٠٣)، والنسائي في السنن الكبرى، رقم (٨٨٠٧)، من حديث البراء -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>