للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [للعلَمية ووَزْن الفِعْل]؛ لأن يَثرِبَ التي هي على وَزْن يَفْعِل، الذي هو فِعْل، ولها عِلَّة أخْرَى غير وزن الفِعْل، وهي التَّأنيث، العلَمية والتَّأْنيث؛ لأنها اسمٌ لحمعة، وكأن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ قال: [العلَمية ووَزْن الفِعْل]؛ ليُشير أن هذه الكلِمةَ يَثرِب مَأخوذةٌ من التَّثريب، وهو اللَّوْم والتوبيخ، وما أَشبَه ذلك من الكلِمات التي فيها عَتَب.

ولهذا قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى، يَقُولُونَ: يَثْرِبُ؛ وَهيَ المَدِينَةُ" (١)، وهذا دليل على أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَرِه أن تُسمَّى يَثرِبَ، وهو أحَد القولين في المَسأَلة، وأمَّا الحديث الذي روِيَ: "مَنْ قَالَ لِلْمَدِينَةِ: يَثْرِبُ. فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ" (٢)، فَهو ضعيف، لكن يَكْفِي عن هذا الحديثِ في الصحيحين: "يَقُولُونَ: يَثْرِبُ؛ وَهِيَ المَدِينهُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ" (٣).

الحاصِلُ: أن قوله تعالى: {يَاأَهْلَ يَثْرِبَ} كأن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ اختار أن يَقول: لم يُؤخَذ من الفِعْل لهذا السبَبِ.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَا مُقَامَ لَكُمْ} بضَمِّ الميم وفَتْحها أي: لا إقامةَ ولا مكانَ]، {مُقَامَ} [بضَمِّ الميم وفتحها]، ومعنى كلام المُفَسِّر: أي: فيها قِراءتان: "لَا مَقَامَ"


(١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل المدينة، باب فضل المدينة، رقم (١٨٧١)، ومسلم: كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم (١٣٨٢)، من حديث أبب هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٢٨٥)، وأبو يعلى في المسند رقم (١٦٨٨)، من حديث البراء -رضي اللَّه عنه-، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٣٠٠): رجاله ثقات، وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (٢/ ٢٢٠) وقال: لا يصح.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب فضائل المدينة، باب فضل المدينة، رقم (١٨٧١)، ومسلم: كتاب الحج، باب المدينة تنفي شرارها، رقم (١٣٨٢)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>