للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: نَفاذ حُكْم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ أنَّ حُكْم اللَّه تعالى نافِذٌ في الخَلْق لا يَمنَعه أحَد، وجهُ ذلك {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ}، والاستِفْهام هنا كما سَبَق بمَعنَى النَّفي.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات الإرادة للَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الرَّدُّ على بعض طوائِف القدَرية الذين يَقولون: إن اللَّه تعالى لا يُريد السُّوء، يُريد الخيرَ، لكن لا يُريد السُّوء؛ لقوله تعالى: {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً}، وفي الآية إِشْكال: وهو أن ظاهِرها أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُريد السُّوء، مع أن النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقول: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ" (١)، فما هو الجوابُ؟

نَقول: السُّوء بالنِّسبة للمَفعولات، أمَّا بالنِّسبة لفِعْل اللَّه تعالى نفسِه -الذي هو فِعْله- فليس بسُوءٍ، فالمرَضُ مثَلًا سوءٌ بالنسبة للعَبْد يَسوؤُه ولا يَسُرُّه، لكنه بالنِّسبة لتَقدير اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى له خيرٌ وحِكْمةٌ، كما أَشَرْنا إلى هذا كثيرًا؛ إذَنْ: نَقول في الجواب على هذا الإِشْكالِ: إن السُّوءَ عائِدٌ إلى المَفعول لا إلى الفِعْل الذي هو تَقدير اللَّه تعالى.

ونَظير ذلك: لو أن أبًا شَفيقًا رحيمًا أُصيب ولَده بداءٍ فكَواه بالحديدة المَحماةِ على النار، لكان هذا لا شَكَّ يَسوء الطَّفْل أو يَسوء الولَد؛ لأنه يُؤْلمِه أو يُوجِعه، وهو بالنِّسبة لفِعْل الأَبِ ليس إساءةً، بل هو خَيْر وإن كان يُؤلمُ الطِّفْل الولد.


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧١)، من حديث علي -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>