للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا مَانِعَ لما أَعطَى ولا مُعطِيَ لما منَعَ؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً}، فلا أحَدَ يَمنَع ما أَعطاه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا أحَد يُعْطِي ما منَعه اللَّه تعالى، وعلى هذا قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "اللَّهُمْ لَا مَانِعَ لمِا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لمَا مَنَعْتَ" (١).

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن فيها حَثًّا على تَعَلُّق الإنسان باللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى دُوْن غيره؛ لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً}، فإذا كان الأَمْر كلُّه بيَد اللَّه تعالى فإن الإنسان يَتعَلَّق بربِّه دون غيره.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن أُولئِك الكُفَّارِ لن يَجِدوا أحَدًا يَنصُرهم أو يَتولَّاهم دون اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} ويَترَتَّب على ذلك: قَطْع كل عُلقَةٍ تَكون بين المُشرِكين وبين أَصنامهم، وأن أَصنامهم لا تَنفَعهم مَهما كان الأمرُ، ولكنه يَرِدُ على هذا إشكالٌ وَهو أن هؤلاء الذين يَدْعون الأصنام قد يَحْصُل لهم ما دعَوْهُ أو ما دعَوْا به هذه الأصنامَ، فكيف نَقول: إنها لا تَنفَعهم؟

فالجواب: أن هذا قد يَقَع ابتِلاءً وامتِحانًا من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونحن نَعلَم أن هذا لم يَحصُل بدُعاء هذه الأصنامِ، وإنما حصَل عنده وما حصَل عند الشيء ليس كالذي حصَل بالشَّيء.

فإن قلت: نحن لا نَقبَل منك: أنه حصَلَ لا بدُعائهم، ما دام الرجُل دعا ثُم حصَل المُراد؛ فكيف تَقول: إنه من أَمْرٍ خارِج ليس من الدُّعاء من دُعائهم! فهذا رجُل دعا صاحِب القبر وقال: يا سَيِّدِي يا مَوْلاي يا فُلانُ يا فُلانُ، أنا فَقيرٌ أَرجو


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، رقم (٨٤٤)، وأخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، رقم (٥٩٣)، من حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>