أن تُعطيَنِي مالًا وفي اليوم نفسِه مات قريبُه الذي خلَّف مَلايين ولا يَعصِبه إلَّا هو، فأنت تَقول: من تَقدير اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو يَقول: هذا من الولِيِّ؛ فمَن قال لكَ: إنه استِدْراج؟
والجَواب: هو ابتِلاء -يا إخواني- ولكن ما حصَل هو فِتنةٌ وامتِحانٌ، وقد قُلنا له: هذه فِتنةٌ ودُعاؤُك لم تُحصِّل منه شيئًا، لكن هذا حصَل عند دُعائِك لا بدُعائِك.
فقد يَقول: تبًّا لكم أنتم لا تَعرِفون قَدْر الأَوْليَاء، وأنا دَعَوْت وحصَل لي مُرادي، ورُبَّما يَتحَدَّانا يَقول: أَدْعُو مرة أُخرى فيَأتي القدَر مُوافِقًا!
وهذه آياتٌ واضِحة جدًّا أنه لا يُمكِن أن يَسْتجيب له، وإذا لَمْ يُمكِن أن يَستَجيبَ له، فنَعلَم عِلْم اليَقين أن هذا الذي حَصَل ليس بدُعاء هذا الوليِّ، بل حصَل في وقت الدُّعاء وليس بالدُّعاء، فعِند الشيء يَعنِي: أنه قريبٌ منه، وهذا تَقدَّم: أن مَذهَب الأشاعِرة يَقولون: إن الأسباب لا تُؤثِّر بنفسها، وإنما يَحصُل التأثير عِندها لا بها، فلمَّا ضَرَبت الزجاجَ بالحجَر وانكَسَر قالوا: ما انكَسَر، هذا من ارتطام الزُّجاج بالحجَر، حصَل عِنده عند ارتِطامها، ولكن ليس بها، على كل حال.