للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِلَّا قَلِيلًا} رِياءً وسُمْعةً] {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ}: {وَالْقَائِلِينَ} مَعطوفةٌ على {الْمُعَوِّقِينَ} يَعنِي: يَعلَم القائِلين لإخوانهم: هلُمَّ إلينا. وهذا غيرُ التَّعويق؛ لأن المُعَوِّق هو الذي يَعرِض الشيء الذي يُعوّق الإنسان، لكن لا يَدْعوه، ولكن هؤلاءِ يَقولون لإخوانهم، فهو أَبلَغُ من التَّعويق.

وقوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ} هذه غَير المُعوِّقين، فليس عَطْفَ صفةٍ، ولكنه عَطْف ذاتٍ، والأصلُ في التَّعاطُف أن يَكونَ لتَغَيُّر الذوات، وقد يَكون لِتَغيُّر الصِّفات، وقد يَكون لِتَغيُّر اللَّفظ، ومنه قولُه:

. . . . . . . . . . . . . . . ... وَأَلْفَى قَوْلهَا كَذِبًا وَمَيْنًا (١)

فمَا تَغيَّر المَعنَى، لكن تَغيَّر اللفظ.

وقوله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} هذا في المُنافِقين وسُمُّوا إخوانَهم في النَّسَب، وليسوا إخوانَهم في الدِّين اللهُمَّ إلَّا أن يُرَاد الأُخوَّة الظَّاهِرة، فإن هؤلاء يَتَظاهَرون بأنهم مُؤمِنون.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: [{هَلُمَّ} تَعالَوْا {إِلَيْنَا}] هَلُمَّ، هل هي فِعْل أَمْر أو اسْمُ فِعْل أمرٍ؛ اسمُ فعلِ أمير، لأن ليس كلُّ ما دل على الطلَب فهو فِعْل أَمْر، فالمَصدَر قد يَدُلُّ على الطلَب كما قُلت: ضَرْبًا زيدًا. لكن ما يَدُلُّ على الطلَب بذاته -يَعنِي: بغير أداة خارِجية- فإمَّا أن يَقبَل علامة فِعْلِ الأمر أو لا، فإن قبِلها فهو فِعْل أَمْر وإن لم يَقبَل فهو اسمُ فِعْل أمرٍ، أو قد يَكون مَصدَرًا نائِبًا عن الأمر، وقولنا: (بغَيْر أداةٍ خارجيةٍ) احتِرازًا من المُضارع المَقرونِ بلَام الأَمْر، فالمُضارع المَقرون بلام الأَمْر


(١) البيت لعدي بن زيد العُبادي، انظر: طبقات فحول الشعراء لابن سلام (ص: ١٤٠)، الصحاح (٦/ ٢٢١٠).

<<  <   >  >>