يَدُلُّ على الأمر، لكن لا بذاته، بل بأداةٍ أُخرى خارِجية، وهي لام الأَمْر.
(هَلُمَّ) هنا اسمُ فِعْل أَمْر، فمثَلًا: عيسى نَقول له: هلمَّ إلينا! هلمَّ إلى الدَّرْس! وأَحمدُ وعِيسى جميعًا نَقول لهُما: هلُمَّ إلينا جميعًا. ونَضُمُّ إليهما زيدًا ونَقول: هلمَّ إلى الدَّرْس. فما تَغيَّر، مُفرَد ومُثنًّى وجَمْع.
أمَّا لو كنَّا نُخاطِب واحِدًا ونَقول: هلُمَّ إلينا. ونُخاطِب اثنين فَنَقول: هَلُمَّا إلينا. ونُخاطِب ثلاثة ونَقول: هَلُمُّوا هَلُمُّوا إلينا. لكان فِعْلَ أَمْر؛ ولهذا نَقول: قُمْ وقوموا، فهي إِذَنِ اسمُ فِعْل أَمْر تُخاطِب بها الواحِد والاثنين والجماعة ولا تَتَغيَّر، هذا على لُغةِ أهل الحِجاز.
أمَّا بنو تمَيمٍ فإنها عندهم فِعْلُ أمرٍ، ولهذا يَقولون للواحِد: هَلُمَّ إلينا. وللاثنين: هَلُمَّا إلينا. وللجماعة: هلُمُّوا إلينا. فالأَمْر هنا يَدُلُّنا على الاثنَيْن اسم فِعْل أمر، لأنها لو كانت فِعْلَ أمر لقال: هلُمُّوا إلينا.
قوله تعالى:{هَلُمَّ إِلَيْنَا} يَعنِي: تعَالَوْا، هذا بالنِّسْبة لغيرهم، يَدْعون غيرَهم إلى تَرْك القِتال.
قال تعالى:{وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} والقَليل هنا قد يَكون المُرَادُ به العدَمَ، وقد يَكون المُرادُ به الشيءَ اليَسيرَ القِلَّة، ويُمكِن أن يُراد به العدَمُ بالنسبة لقَوْم، والقِلَّة بالنِّسبة لآخَرين من المُنافِقين، لأن من المُنافِقين مَن لا يَحضُر القِتال أصلًا ومنهم مَن يَحضُر قليلًا للرِّياءِ والسُّمْعة، ومَعلوم أن مَن يُلاحِظ الرِّياء والسُّمعة فإنه إذا كان في محَلٍّ يَجِد الرِّياءَ والسُّمعة حضَر، وإذا كان في محَل لا يَجِد الرِّياء ولا السُّمْعة لم يَحضُر.