الرِّياء يَعود إلى الأفعال، والسُّمْعة تَعود إلى الأقوال؛ لأن الأفعال تُرَى والأقوال تُسمَع؛ ولهذا جاء في الحديث:"مَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ"(١)، فإذا تَكلَّم شَخْص بذِكْر ورفَع صَوْته، ليُسمَع ويُثْنَى عليه به، فنَصِفُ فِعْله بأنه سُمْعة، وإذا قام يُصلِّي؛ ليَراه الناس فهو رِياءٌ، وقد يُطلَق الرِّياء عليهما جميعًا، لكن عندما يَجتَمِعان يَكون الرِّياء يَتعلَّق بالأَفْعال والسُّمْعة بالأَقْوال، يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ:[رِيِاءً وسُمْعةً].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: إحاطة عِلْم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بكُلِّ شيء؛ لأن هذه مَسأَلة جُزئيَّة من العالَم فقَولُ هؤلاءِ:{هَلُمَّ إِلَيْنَا} وتَعويقهم فَرْد من أفراد العالَم، جُزءٌ بَسيط لا يُنْسَب إلى العالَم، ومع ذلك يَعلَمه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والعالِم بالدَّقيق عالِم بالجَليل من بابِ أَوْلى؛ ففيها إثبات إحاطة عِلْم اللَّه تعالى بكُلِّ شيء جُملةً وتَفصيلًا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: ثُبُوت عِلْم اللَّه تعالى بالمُستَقبَل؛ لأنه جاءَت بصيغة المُضارع، ومنها التهديد والتَّحذير من التَّعويق عن القِتال، وجهُه قد يَعلَم اللَّه تعالى، وهذا من أَجْل تَهديدهم حتى لا يَفعَلوا ذلك.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَعاوُن المُنافِقين بعضِهم مع بعض، لقوله:{وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ}، وإذا كان كذلك فإن القائِلين تَكون عَطْفًا على المُعوِّقين من باب عَطْف الصِّفات،
(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب الرياء والسمعة، رقم (٦٤٩٩)، ومسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير اللَّه، رقم (٢٩٨٧)، من حديث جندب بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-.