المَعنَى الأوّل: أنَّ التَّأسِّيَ بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كلُّه حسَن؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعصوم من الخَطَأ في التَّشريع، فكُلُّ التَّأسِّي به فهو حسَنٌ، بخِلاف التَّأسِّي بغيره، فقد يَكون حسَنًا، وقد يَكون غيرَ حسَنٍ.
المَعنَى الثاني: أُسْوة حسَنة باعتِبار تَأسِّينا به، لا باعتِبار ما هو عليه، والأُسوة الحسَنة باعتِبار تَأَسِّينا به هو أن نَكون مُوافِقين له في القَوْل والفِعْل والقَصْد -الذي هو العَقيدة-، فنُوافِقه في هذه الأُمور الثلاثة: في العَقيدة والقَوْل والفِعْل، هذه الأُسْوةُ الحسَنة.
فمَن وافَقَه في قوله دون فِعْله لم يَتأَسَّ به أُسْوةً حسَنة، ومَن وافَقه في فِعْله دون قَوْله، لم يَتَأسَّ به أُسْوة حَسَنةً، ومَن تَأسَّ به في قَوْله وفِعْله دون عَقيدته وقَصْده لَمْ يَتأَسَّ به أُسْوة حسَنة.
ويَدخُل في الأُسْوة الحسَنة الدَّعوةُ إلى دِين اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لا شَكَّ أنه يَدعو إلى دِين اللَّه تعالى، قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[يوسف: ١٠٨].
وبهذا نَعرِف أنه يَنبَغي لطالِب العِلْم أن يَكون له نشاطٌ في مجُتَمَعه، لا نُسخةَ كِتاب فقَطْ، بمَعنَى أن يَكون محُرِّكًا لضمائر الناس ومَشاعِرهم وتَوجيههم، ويَكون لدَيْه عَزيمة في إصلاح الخَلْق؛ حتى لا يَكونَ مجُرَّد نُسْخةٍ؛ لأن مجُرَّد نُسخةٍ ما الفائِدة منه! تَقول: واللَّه حفِظْتُ مثلًا (مَتْن الزادِ) وحفِظْتُ (بُلوغ المَرام) وحفِظْتُ (المُنتَقى) وحفِظْت ما أَشبَه ذلك، وغايَتُه أن يَقول: سأَجلِس في بيتي وإن جاء أحَدٌ يَسأَلُني علَّمْتُه! ! .