فيَجِب أن نَبُثَّ الوَعيَ بين المُسلِمين، ولا سيَّما في هذا الوَقْتِ؛ لأن الناس بدَؤُوا يَتَحرَّكون سَئِموا الحياة السابِقة، لكن يَحتاجون إلى هِداية ودَلالة؛ لأنه قد يَتحرَّكون إلى شيء سَيِّئٍ، إنَّما إذا تَولَّى طلَبة العِلْم الذين وهَبَهم اللَّه تعالى العِلْم تَوجيهَ الناس في هذه الأُمورِ حصَل في هذا خَير كثير، كما كان نَبيُّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- يَفعَل، فالأُسْوة الحسَنة في الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يَدخُل فيها الدَّعْوة إلى دِين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
فصارت (الحسَنة) في ذاتها وفي تَطبيقها؛ في ذاتها بِمَعنَى: أن التَّأسِّيَ به حسَنةٌ، ولا يُمكِن أن يَكون الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَيْء من أَفْعاله غير مَوْصوف بالحُسْنى، وحسَنة في تَطبيق هذا التَّأسِّي في العَقيدة والقَوْل والفِعْل، القَوْل والفِعْل.
لكن قال تعالى:{لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}: {لِمَنْ كَانَ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بدَلٌ من {لَكُمْ}] في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، لكِن {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} فهو بدَلُ بَعْض مِن كُلٍّ بإِعادة العامِل.
والخِطاب يَشمَل مَن يَرجو اللَّه واليَوْم الآخِر ومَن لم يَرجُهُ، و {لِمَنْ كَانَ} يَخُصُّ مَن (كان يَرجو اللَّه واليَوْم الآخِر)، فهو بدَلُ بَعْضٍ من كلٍّ، وهل هو بدَل بعضٍ من كُلٍّ: في الذات أو في المَعنَى والصِّفات؟
فالجَوابُ: إذا قُلْت: "أَكرِمِ القَومَ بعضَهُم" هذا بدَلُ بعضٍ من الكُلِّ في الذات، لكن هنا في الآية في الصِّفات {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.
وقولُنا:"بإعادة العامِل" العامِل الذي أُعيد هو اللَّه حَرْف الجرِّ، فإنها مَوْجودة في البَدَل والمُبْدَل منه؛ مَوْجودة في المُبْدَل منه في قوله تعالى:{لَكُمْ}، وفي البَدَل في قوله تعالى:{لِمَنْ كَانَ}.