للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيمانُ والتَّسليمُ صار مُؤمِنًا حقًّا عابِدًا حقًّا، فالإنسان المُؤمِن لكنه لا يَسْتسلِم نَقُول: هذا مُسْتكْبِر. والإنسان المُستَسلِم لكنه غيرُ مُؤمِن نَقول: هذا مُنافِق؛ لأن المُنافِقين يَسْتَسْلِمون ظاهِرًا؛ ولا يَتِمُّ الإيمان إلَّا بهذين الأَمْرين: الإيمان والتسليم، ولا يَتِمُّ الشَّرْع إلَّا بهذين الأَمْرين الإيمان والتسليم.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا}: {إِيمَانًا} مَفعول ثانٍ، والمَفعول الأوَّل (الهاء)، فـ (زاد) تَنصِب مَفعولين أوَّلهُما: الهاءُ، والثاني في هذه الآيةِ: {إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} كان مُقتَضى الحال أن يَلحَقهم الخوفُ والذُّعرُ كما حصَل للمُنافِقين؛ فمن فوائِدها: كمالُ تَصديقهم للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ورسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قولهم: {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} فهُمْ شاهَدوا ما وعَد اللَّه تعالى، ثُم أَظهَروا الإيقان بذلك بأَلسِنَتِهم في قولهم: {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}.

وقدِ استَدَلَّ بعضُ الجُهَّال في هذا الآيةِ على مَشروعية خَتْم القُرآن بقوله تعالى: {وَصَدَقَ اللَّهُ} وقالوا: كيف تُنكِرون علينا إذا أَتْمَمْنا القِراءة وقُلْنا: صدقَ اللَّه العَظيمُ. مع أن اللَّه تعالى يَقول: {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ويَقول تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} [آل عمران: ٩٥] فما هو الجوابُ عن هذه الشُّبْهةِ؟

نَقول: نحن لا نُنكِر أن يَقول أحَدٌ: صدَق اللَّهُ ورسولُه. بل نَراه من الإيمان أن يَقول الإنسان: صدَق اللَّهُ ورسولُه. وأمَّا مَن لَمْ تَكُن عَقيدته هذه فهو كافِر، لكننا نُنْكِر أن نَجعَل هذا الثَّناءَ على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عند الانتِهاء من التِّلاوة مع أنه لَمْ يَرِد،

<<  <   >  >>