للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميعًا، إيماننا بالشَّمْس على حدٍّ سَواءٍ ما يَتَفاوَت، فالناس عندهم كما قال ابن القيِّم رَحِمَهُ اللَّهُ عنهم:

النَّاسُ في الْإِيمَانِ شَيْءٌ وَاحِدٌ ... كالمُشْطِ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْأَسْنَانِ (١)

وهذا القولُ لا شَكَّ أنه خطَأ يَرُدُّه الواقِعُ والشَّرْع.

وقالَتِ الخَوارِجُ والمُعتَزِلة: الإيمان لا يَزيد ولا يَنقُص، إمَّا أن يُوجَد جُملة كامِلًا، وإمَّا أن يُعْدَم بالكُلِّية؛ لأنهم يَقولون: إن فاعِلَ الكبيرة كافِر خارِج عن الإيمان؛ فإمَّا كافِر، وإمَّا في مَنزِلة بين مَنزِلتين؛ فالخَوارِج يَقولون: إن فاعِل الكبيرة كافِر ليس عِنده إيمان أبَدًا، والمُعتَزِلة يَقولون: لا إيمانَ عِنده، لكِن لا نَقول: إنه كافِر، بل هو في مَنزِلةٍ بين مَنزِلتين، ومَن لم يَكُن فاعِلَ كبيرةٍ فالناس في الإيمان سَواءٌ كلهم على حَدٍّ سواءٍ.

فالذين لا يَرَوْن زيادة الإيمان ولا نُقْصانه طائِفتان إمَّا مُرْجِئة أو وَعيدية، وهُمُ الخَوارِجُ والمُعتَزِلة.

وقال بعضُ أهل السُّنَّة: كالإمام مالِك (٢) رَحِمَهُ اللَّهُ قال: الإيمان يَزيد ولا نَقول: يَنقُص؛ لأن زيادة الإيمان في القُرآن والسُّنَّة كثيرة، ولكن ليس فيهما ذِكْر نَقْص الإيمان، ولكن قوله رَحِمَهُ اللَّهُ ضعيف؛ لأن في السُّنَّة: "مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ" (٣)، والإيمان بلا شَكٍّ من الدِّينِ، فيَكون داخِلًا في هذا الحديثِ.


(١) النونية (ص: ٨).
(٢) انظر: البيان والتحصيل (١٨/ ٥٣٦).
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، رقم (٣٠٤)، ومسلم: كتاب الإيمان, باب بيان نقص الإيمان, رقم (٨٠)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>