لا بُدَّ أن تَظْهَر هذه الأُمورُ على المُنافِق وإلَّا فإن تَوْبته لا تُقبَل في الدنيا، أمَّا في الآخِرة فأَمْره إلى اللَّه تعالى، لكن في الدُّنيا لا نَقبَلها إلَّا إذا ظهَرت عليه هذه الأَوْصافُ التي اشتَرَط اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: ترغيب المُنافِقين في التَّوْبة؛ لقوله تعالى:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} فهو مُنافِقٌ خادِعٌ خادِرٌ ماكِرٌ، ومع ذلك يُقال له:{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}، وهذا دَليل على أن رحمة اللَّه تعالى سبَقَت غضَبُه؛ ولهذا أُولئك الذين يُعذِّبون أَوْلياءَه ويُحرِقونهم بالنار يَقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}[البروج: ١٠] وكذلك الذين قالوا: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣] عرَضَ اللَّه تعالى عليهم التَّوْبة! وكلُّ هذا دليل على أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُحبُّ العَفْو أكثَرَ من العِقاب.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثبات اسمَيْن من أسماء اللَّه وهما: الغَفور والرَّحيم وما تَضمَّناه أيضًا من الصِّفتَيْن وهما المَغفِرة والرحمة، وما يَتعلَّق بهما من حُكْم وأَثَر، وهو أنه يَغفِر وَيَرحَم.
وأَسماء اللَّه تعالى نَوْعان: مُتعَدٍّ ولازِم؛ فالمُتعدِّي لا يَتِمُّ إيمانك به إلَّا بأُمورٍ ثلاثة:
أ - أن تُؤمِن به اسمًا للَّه تعالى.
ب - أن تُؤمِن بما تَضمَّنه من صِفة.
ج - أن تُؤمِن بما تَضمَّنه من الحُكْم والأثَر.
فالاسمان الكَريمان الغَفور الرَّحيم من الأسماء المُتعدِّية التي لا يَتِمُّ الإيمان بها