ولا في الآخِرة، فما نالوا خيرًا في الدنيا من غنائِم وغيرها ولا نالوا خيرًا في الآخِرة من الأُجور والثَّواب.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كفَى المُؤمِنين القِتالَ بعد هذه الغَزوةِ؛ ولهذا لم يُقاتِل النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أحَدًا من المُشرِكين بعد تِلك الغَزوةِ حتى قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا"(١)؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} في هذه الغَزو وما بعدَها، فإن العرَب لم يَقوموا بغزوٍ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد هذه.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُدافِع عن المُؤمِنين؛ لقوله تعالى:{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} يُؤْخَذ من الآية: أنه خصَّه بالمُؤمِنين فدَلَّ هذا على أنه كَفاهم القِتال لإيمانهم؛ فالمُؤمِنون يَكفيهم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما أَهمَّهم؛ فيُدافِع عنهم لإِيمانهم كما قال تعالى:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الزمر: ٦١].
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات القُوَّة والعِزة للَّه تعالى في قوله: {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}، وفيها إثبات هَذين الاسمَيْن من أسمائه، وهما: القويُّ والعَزيز.
* * *
(١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، رقم (٤١١٠)، من حديث سليمان بن صرد -رضي اللَّه عنه-.