للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (١).

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: البِشارة بأن المُسلِمين سيَتَولَّوْن على أراضٍ أُخرَى للكُفَّار، تُؤْخَذ من قوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} وهي خَيبرُ وغيرها من بِلاد الكُفَّار، إنما فيه بِشارة بأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَيُورِث المُسلِمين أراضِيَ الكافِرين.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ قُدرةِ اللَّه تعالى على كل شيء؛ لقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} وكل شيء، فإن اللَّه تعالى قادِر عليه لا يُعْجِزه {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢]، فمَهما ظنَنْت من بُعْد الشيء ووُقوع الشيء، من بُعد وقوع الشيء، فلا تَستَبْعِده على قُدْرة اللَّه تعالى فإن الأمر عليه هَيِّن كما قال اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧]، الكل عليه هَيِّن، ولكن هذا أَهوَنُ، والحاصِل أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على كل شيءٍ قَديرٌ.

وقد قال في سورة المائِدة لمَّا قال تعالى: قال: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٢٠] قال: [وخَصَّ العَقْل ذاته فليس عليها بقادِر] أي: أن اللَّه تعالى لا يَقدِر على ذَاتِهِ، والذي خصَّص هذا العُموم العَقْل على زَعْمِه، فيُقَال: ما هذا العَقْلُ الذي يُخصِّص هذا العُمومَ؟ وكيف لا يَكون اللَّهُ قادرًا على ذاتِه؟ بل هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قادِر على كل شيء


(١) أخرجه البخاري: كتاب التيمم، رقم (٣٣٥)، أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، رقم (٥٢١)، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-.

<<  <   >  >>