حتى على ذاتِه، فإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَسْتَوِي على العَرْش ويَنزِل إلى السَّماء الدُّنيا ويَأتِي للفَصْل بين عِباده ويَفعَل ما يَشاء، وهذه قُدْرة على الذات.
أمَّا إن أَراد أنه غيرُ قادِر على ذاته فلا يُعدِمها مثَلًا فيُقال: إن هذا الشيءَ مُستَحيل، والمُستَحيل لا تَتعَلَّق به القُدرة أصلًا فهو غير وارِد ولا داخِل في الآية من الأصل، فأمَّا كونه داخِلًا ثُم يَخُصُّه العَقْل، فهذا تخصيص لما عَمَّمه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أي: آية {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة: ١٢٠] آخِر السورة.
فلو قال قائِل: هل يَقدِر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يَجعَل الشيء مُتحَرِّكًا ساكِنًا في آنٍ واحِد؟
نَقول: هذا شيء مُستَحيل؛ لأنه إن كان مُتحرِّكًا فليس بساكِن، وإن كان ساكِنًا فليس بمُتحرِّكٍ، فإذا جعَله اللَّه مُتَحرِّكًا لم يَكُن ساكِنًا، وإن جعَله ساكِنًا لم يَكُن مُتحَرِّكًا من الأصل.
وهو واضِح؛ لأنك إذا وصَفته بالحرَكة انتَفَى عنه السُّكون، وإذا وصَفْته بالسُّكون انتَفَت عنه الحرَكة قَطْعًا، وهذا شيء مَعروف لا يَحتاج إلى نظَر، كما لو قلت: كل حادِث لا بُدَّ له من مُحْدِث فهذا شيءٌ مَعقول، فالأُمور العَقْلية المَعلومة بالضَّرورة لا تَحتاج إلى تَأمُّل ولا إلى تَفكير، فالحرَكة والسُّكون مُتناقِضان، والسَّواد والبَياض مُتَضادَّان.