للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {فَتَعَالَيْنَ} يَعنِي: أَقبِلنَ إليَّ.

وقوله تعالى: {أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أُمتِّعْكن هذه جَواب الطلَب في قوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ} يَعنِي: أُعطِيكن مَتاعًا تَتمَتَّعن به {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أُطلِّقَكن؛ لأن التَّسريح ضِدُّ التَّقييد، وهذا من الآداب العالية التي أَمَر اللَّه تعالى بها نبيَّه محُمَّدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإلَّا كان مُقتَضى الحال أن يَقول: إن كُنْتُن تُرِدْن الحياة الدُّنيا وزِينَتها فتَعالَيْن أُطلِّقَكن، ولا خيرَ فيمَن لا تُريد إلَّا الدُّنيا، ولكن من كَمال الرِّعَاية قال: أُمتِّعكن وأُسرِّحكن وأُعطِيكن مالًا تَتمَتَّعْنَ به وأُسرِّحكُنَّ: أُطلِّقكنَّ.

وقوله تعالى: {سَرَاحًا جَمِيلًا} يَعنِي: ليس فيه عَداوة، وليس فيه بَغْضاءُ، وليس فيه حَجرٌ؛ لكن بعد ذلك؛ ولهذا لو أن هذا وقَع لكان يَحِلُّ لهن أن يَتزَوَّجْن بغيره؛ لأن هذا من السَّراح الجميل، إذَنْ لا فائِدةَ من كونها تَتسَرَّح من الرسول-صلى اللَّه عليه وسلم- ثُم تَبقَى مَحبوسةً، ولكن الأمر لم يَقَع.

وقوله تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أي: كل النِّساء كلهن.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: وُجوب تَخيير النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- زَوجاتِه؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن التَّخيير لا يَكون طلاقًا.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: حِماية اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، ودِفاعه عنه؛ حيثُ أَمَره أن يُخيِّر أزواجه هذا التَّخييرَ؛ لمَّا ضَيَّقْن عليه، وطَلَبْنَ منه النَّفقة.

<<  <   >  >>