لأنَّ الأنبياءَ لا يُورَثون، كما قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"إِنَّا مَعَاشِرَ الْأنبِيَاءِ لَا نُوْرَثُ مَا ترَكْنَا صَدَقَةٌ"(١)؛ لأنه يُفسِد المَعنَى، الرَّافِضة يَقولون: إنَّ لفظ الحديث: إنَّا مَعاشِرَ الأنبياءِ لا نُورِثُ ما ترَكنا صدَقةً؛ لأَجل أن يَقولوا: إنَّ الذي ترَكوه غير صدَقة يُورَث، وأنَّ أبا بكر وعمرَ وبقيةَ الصحابة ظلَموا ورَثة النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث لم يُورِّثوهم، لكنَّ أهل السُّنَّة والجماعة يَقولون: كذَبتم أيُّها الرافِضةُ، بل إنَّ لفظ الحديثِ:"إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنبِيَاءِ لَا نُوْرَثُ" فانتَهَتِ الجُملة الأُولى، ثُم قال مُبيِّنًا ماذا يَكون مَآل المال بعدهم، قال:"مَا ترَكْنَا صَدَقَةٌ"، أي: الذي ترَكْناهُ صدَقة.
والمعنى الذي ذهَبَت إليه الرافِضة باطِل؛ لأنَّ ما تُرِكَ صدَقة لا يُورَث، حتى في غير الأنبياءِ، يَعني: ما ترَكه الإنسان صدَقة بعد مَوْته لا يَرِثه ورَثَته، حتى ولو كان غير نَبيٍّ فهم محُرِّفون للحديث لَفْظًا ومعنًى، يَقولون: إننا لا نُورِّث الذي ترَكْناه صدَقةً، يَعنِي: إن مَعناها: إذا وقَفنا شيئًا مثَلًا نحن وجعَلْناه في سبيل اللَّه تعالى فإنَّنا لا نُورِّث هذا الشيءَ، إنما نُورِّث الأَمْلاك الأخرى، وهل هو خاصٌّ بالرسُل؟ لا، ليس خاصًّا بهم.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَا تَبَرَّجْنَ} بتَرْك إحدى التاءَيْن من أَصْله] (تَبَرَّجْن) فِعْل مُضارع، والدليل (لا) النَّاهية فإنها لا تَدخُل إلَّا على المُضارع، وإِلَّا فإنَّ كَلِمَة (تَبَرَّج) والنِّسَاءُ تَبرَّجْن، هذا فِعْلٌ ماضٍ، لكن في الآية:{وَلَا تَبَرَّجْنَ}، هذا فِعْل مُضارع، يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بتَرْك إحدى التاءَيْن، وأَصلُها: تَتَبَرَّجْن، هذا أَصلُها:
(١) أخرجه البخاري: كتاب فرض الخمس، رقم (٣٠٩٣)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا نورث"، رقم (١٧٥٩)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.