من أسباب زَوال الرِّجْس؛ لأن ما تَقدَّم أوامِرُ ونَواهٍ، بيَّن اللَّه تعالى أنه إنما أمَرَ بها ونهَى عنها، من أَجْل أن يُذْهِبَ عن هذا البَيتِ الرِّجسَ، قال تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ زوجاتِ الإنسان من آل بَيْته.
فإذا قال قائِلٌ: هذا وَقْف على آل بيتي. شمِلَ النِّساءَ، وإذا قال في الأُضحِيَّةِ: اللهُمَّ إن هذا عنِّي وعن أهل بيتي. شمِلَ النساءَ؛ لأنَّ اللَّه تعالى جعَل زوجات الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من آل بَيْته.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تَفخيم هذا البيت وتَعظيمه، لقوله تعالى:{أَهْلَ الْبَيْتِ}؛ لأنَّ (أل) للعَهْد الذِّهْنيِّ، كأن هذا البيتَ مَعهود مَعلوم بأَذْهان الناس، لا يَغيب عنها، لمِا لهذا البَيتِ من المَكانة الرفيعة، والخِصْلة الحميدة.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنهَ عَشْرَةَ: أنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرادَ أن يُذْهِبَ الرِّجْس وأثَرَ الرِّجس أيضًا، الرِّجْس وأثَره، يُؤخَذ من قوله تعالى:{وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وهذا فوق ذَهاب الرِّجْس، لأننا لو ضَرَبنا هذا بمِثال حِسِّيٍّ، وقُلنا: إنَّ هذا الثوبَ تَلَطَّخَ بنَجاسة، فحَكَكْنا هذه النَّجاسةَ حتى زالَت عَينُها فهذا يُسمَّى إذهابَ الرِّجْس، فإذا صبَبْنا الماء حتى نَظُف المكان تمَامًا، وزال الأثَرُ صار ذلك تَطهيرًا؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح في دُعاء الاستِفْتاح:"اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْني وَبَيْنَ خَطَايايَ، كَما بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّني مِنْ خَطَايايَ كَما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْابيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْني مِنْ خَطَايايَ بِالماءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ"(١)، فذكَر المُباعَدة أوَّلًا قبل التَّلبُّث
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، رقم (٧٤٤)، ومسلم: كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، رقم (٥٩٨)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.