بالخَطِية، ثُم ذكَر التَّنقية من الخَطِية بعد التَّلبُّث بها، ثُمَّ ذكَر أبلَغَ من ذلك وهو الغَسْل، غَسْل هذه الخطِيةَ وآثارَها بالماء والثَّلْج والبَرَد.
والحاصِلُ: أننا نَقول: إن قوله تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} هذا فَوْق إذهاب الرِّجْس.
الْفَائِدَةُ العِشْرُون: أنَّ البيت المُطَهَّر من الرِّجْس، سواءٌ بيتُ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أو غيره من البُيوتات؛ فإنَّ البَيْت المُطَهَّر يُعتَبر من أفضَل البُيوتات، ويُعتَبر تَطهيرُه من أكبَر النِّعَم عليهم، يُؤخَذ من أنَّ اللَّه تعالى امتَنَّ بذلك على آل بيت الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا شيء مَعلوم في الناس، فالناس مَعادِن كمَعادِن الذَّهَب والفِضَّة، فمِنَ الناس مَعدِن خَبيث، ومن الناس مَعدِن طَيِّب.
ولهذا لو أن أحَدًا تَلبَّس برِجْسٍ من الأرْجَاس من قَبيلة طيبة فالناس يَستَغْرِبونه ويَستَنكرونه، ويَرَوْن هذا أشَدَّ، لكن لو تَلبَّس أحَد برِجْس من الأَرْجاس، وهو من قبيلة مَعروفة بذلك، فلا يَستَغرِبون، ويَقولون: إن الغُصْن من الشَّجَرة، وليس هو بغريب أن يَفعَل مثل هذا الفِعْلِ؛ لأنَّ آباءَه وإخوانه وأعمامه، وما أَشبَه ذلك فعَلوا مثله، ولا شَكَّ أنَّ اللَّه تعالى إذا مَنَّ على آل بيتٍ من البُيوت بالتَّطهير والكرَم والنَّظافة والنَّزاهة؛ فإنَّ ذلك مِن نِعْمَة اللَّه تعالى عليه.
واعلم أنَّ اللَّه تعالى قد يَجعَل على يَدِ الشَّخْص الواحِد طَهارة كلِّ قبيلته، كما هو مُشاهَد يَخرُج رجلٌ واحِد صالِحٌ مُصلِحٌ يُنذِر عَشيرته الأقرَبين، ويَحرِص على دَعْوتهم إلى الحَقِّ، فيُصلِح اللَّه تعالى على يَديه كلَّ قَبيلته، إذا جاء ذلك بإِخْلاص