للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَكون بالصِّيغة.

وقوله تعالى: {وَالْحِكْمَةَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [هي السُّنَّة] كما قال اللَّه تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، وقال تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٣].

والأصل في العَطْف المُغايَرةُ، وإلَّا فلِقائِل أَنْ يَقُول: إنَّ القرآن الكريم قد تَضمَّن الحِكْمَة فيَكون تعليم القرآن تَعليم الأحكام، وتَعليم حِكَم الأَحْكام، لأنَّ مَعرِفة أحكام الشريعة أمرٌ عظيمٌ جِدًّا؛ فالإنسان إذا عرَف حِكْمة الأحكام الشرعية يَستَنير قَلْبه أكثَرَ، ويَقتَنِع بالأحكام الشرعية أكثَرَ، ويَعرِف من صِفات اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحِكَمه ما هو أكثَرُ ويَستَطيع أيضًا أن يُقنِع الخصْم؛ لأنَّ الخصْم لو تَقول مثَلًا: هذا حرام؛ لأنَّ القُرآن حرَّمه؛ فهو قد لا يَكون ممَّن يُؤمِن بالقُرآن أو يَطمَئِنُّ إليه، لكن إذا كان لدَيْك مَعرِفةٌ بحِكَم الشَّريعة أَمكَنَك أن تُقنِع هذا الشخصَ.

ولهذا مَعرِفة حِكْمة الشَّرْع مُهِم جِدًّا، بل إنَّ غالِب القِياس إنما جاء من مَعرِفة الحِكْمة؛ لأنَّه إلحاق فَرْع بأَصْل في حُكْمٍ لعِلَّة جامِعة، وعلى هذا فرُبَّما يَقول قائِل: إنَّ المُراد بالحِكْمة ما يُعْلَم من أسرار أحكام الشَّريعة وحِكَمِها.

ولكنَّ أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ من السلَف والخلَف أئِمَّة الخلَف فسَّروا الحِكْمة بأنَّها السُّنَّة.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} لطيفًا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّه: [بأَوْليائه {خَبِيرًا} بجَميع خَلْقه] (اللَّطيف) فسَّره أَهلُ الباطِل بأنه الذي لا يُدرَك لصِغَره -أَعوذُ باللَّه! -، فسَّروه بذلك وكذَبوا.

<<  <   >  >>