للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" (١)، وَجهُ الدَّلالة من الحديث: أن الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَرشَد إلى الصوم، وهو أَشَقُّ من هذه الفِعْلةِ، ولو كانت هذه الفِعْلةُ جائِزة لأَرشَد إليها الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لأنها أَسهَلُ وأيسَرُ، وقد قالت عائِشةُ -رضي اللَّه عنها-: "ما خُيِّرَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْن إلَّا اختار أَيسَرَهُما ما لَمْ يَكُنْ إِثْمًا" (٢)، فلمَّا لم يَختَرْ هذا الأيسَرَ عُلِمَ أنه إِثْمٌ محُرَّم.

مَسأَلةٌ: إذا استَمْنَى رجُل في رَمضانَ فهل عليه كفَّارة؟

الجَوابُ: لا، ليس عليه كفَّارة، الكفَّارة لا تَكون إلَّا بالجِماع فقَطْ.

مَسأَلة أُخرَى: أَحادِيثُ وَطْء المَرأة في الدُّبُر كلها فيها مَقال (٣)، لكن يَشُدُّ بعضُها بعضًا، وتَدُلُّ على التحريم، وقد تَقدَّم في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] أنَّ من فَوائِدِها: تَحريمَ وَطْء الدُّبُر، أمَّا الإِثْم فنعَمْ، فهي اللُّوطِيةُ الصُّغْرى.

فائِدةٌ: تَحريم الوَطْء على مَن تَلبَّس بنُسُك أو تَلبَّس بصوم أو تَلبَّس بصلاة مَفروضة، ليس هو من أَجْل حِفْظ الفَرْج، لكن من أَجْل احتِرام هذه العِبادةِ.

قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} ختَمَ الآيةَ الكريمةَ


(١) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب من لم يستطع الباءة فليصم، رقم (٥٠٦٦)، ومسلم: كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه، رقم (١٤٠٠)، من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب صفة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٣٥٦٠)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب مباعدته -صلى اللَّه عليه وسلم- للآثام، رقم (٢٣٢٧)، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(٣) من ذلك ما أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٤٤٤)، وأبو داود: كتاب النكاح، باب في جامع النكاح، رقم (٢١٦٢)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "ملعون من أتى امرأته في دبرها". وانظر: بلوغ المرام (ص: ٣٠٩).

<<  <   >  >>