للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يُوضَع على الرأس؛ لاتِّقاء السِّهام يَحصُل به السَّتْر والوِقاية.

إِذَنِ: المَغفِرة نَقول: هي سَتْر الذُّنوب، والتَّجاوُز عنها، ليست سَتْرَ الذُّنوب فقَطْ، بل هي سَتْر مع التَّجاوُز، سَتْر عن الخَلْق، وتَجاوُز عن العُقوبة؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح: "أَنَّ اللَّهَ يَخْلُو بِعَبْدِهِ المُؤْمِنِ يُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ" (١).

إِذَنْ: بإِعداد المَغفِرة يَسلَمون من الآثام وأَوْزارِها وعَواقِبها.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَجْرًا عَظِيمًا} أَيْ: ثوابًا ذا عظَمة في نَفْسه، هذا الأجرُ العظيمُ هو دُخول الجنَّة، وهو أَجْر لا يُمكِن أن يُحيط به البَشَر؛ لأنَّ اللَّه تعالى يَقول في الحديث القُدسيِّ: "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" (٢)، وفي القُرآن الكريم يَقول اللَّه تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧]، ويَقول تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: ٣٥].

هذا الأَجرُ العَظيم الذي لا يُقدِّر قَدْره إلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، يَكون لهِؤلاء المُتَّصِفين بهذه الصِّفاتِ، وإذا كان اللَّه تعالى قد بيَّن القائِمين بهذه الصِّفاتِ، وبيَّن ما أَعَدَّ لهم من الأَجرِ والثَّواب فهل المُراد بذلك مجُرَّدُ إعلام الناس بهذا أو أن المُراد شيءٌ وراءَ ذلك؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب قول اللَّه تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}، رقم (٢٤٤١)، ومسلم: كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل، رقم (٢٧٦٨)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، رقم (٣٢٤٤)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها، رقم (٢٨٢٤)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>