الجَوابُ: المُراد شيءٌ وراءَ ذلك، وهو أن يَقوم الناس بهذه الصِّفاتِ العَظيمةِ حتَى يَنالوا ذلك الأجرَ العَظيمَ والمَغفِرةَ.
وقوله تعالى:{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، كلِمة (مَغفِرة) نكِرة، فهل نَقول: إنها نُكِّرت للتَّعظيم، بدليل العَطْف عليها {وَأَجْرًا عَظِيمًا} أو ماذا؟
الجَوابُ: الظاهِر: أنها نُكِّرت للتَّعظيم، أي: مَغفِرة عَظيمة، كما أن لهم أَجْرًا عظيمًا يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:{مَغْفِرَةً} للمَعاصِي {وَأَجْرًا عَظِيمًا} على الطاعاتِ] وهذا جَيِّد؛ فالمُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ جعَل المَغفِرة في مُقابِل المَعاصِي، والأَجْر في مُقابِل الطاعات.
ولكن هل لتَرْك المَعاصِي أَجْر؟
الجَوابُ: إن قُلْت: لا. أَخطَأْت، وإن قُلْت: نعَمْ. أَخطَأْت، ونَقول: تارِكُ المَعاصِي له ثلاثُ حالات:
إمَّا أن يَترُكها عَجْزًا عنها مع فِعْل الأسباب المُوصِّلة إليها.
وإمَّا أن يَترُكها؛ لأنها لم تَطرَأ له على بالِه.
وإمَّا أن يَترُكها مع كونها على باله، لكن ترَكها للَّه عَزَّ وَجَلَّ.
أمَّا الحالُ الأُولى: الذي ترَك المَعصية عَجْزًا عنها مع فِعْل الأسباب المُوصِّلة إليها، فهذا له حُكْم الفاعِل، مثال ذلك: رجُل أتَى بالسُّلَّم؛ ليَصعَد إلى البيت فيَسرِق، وحين أَراد أن يَصعَد سمِعَ صوتًا، ونظَر وإذا حولَه أُناس، فتَرَك، له حُكْم الفاعِل لكن عِند اللَّه تعالى، أمَّا في الدُّنيا فلا نَقطَع يَدَه، لكن عند اللَّه تعالى له حُكْم الفاعِل، والدليل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ"،