للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، هذا القاتِلُ فما بالُ المَقتولِ؟ يَعنِي: كيف يَكون مَقتولًا ويَصير في النار، قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَأَنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" (١): "حَريصًا" فهذا فِعْل له سبَب، فحَكَم عليه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنار، لأنه كان حَريصًا على قَتْل صاحِبه.

الحال الثانية: مَن تَرَكها؛ لأنها لم تَطرَأ له على بالٍ، مثل: إنسان مثَلًا لا سرَق ولا زنَى ولا شرِبَ الخَمْر، لأن نفسَه ما دَعَتْه إلى ذلك يومًا من الأيام، فما الحُكْمُ؟

الجَوابُ: هذا ليس له شيء وليس عليه شيء، لأنه ما فعَل إِثْمًا، ولا تَقرَّب إلى اللَّه تعالى بِنيَّة، فلا يَكون له شيء، ولا عليه شيء.

الحالُ الثالِثة: رجُل هَمَّ بمَعصية، وربما فعَل أسبابَها، ولكنه ترَكَها للَّه عَزَّ وَجَلَّ عِندما تَذكَّر عظَمة اللَّه تعالى، خَشِيَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وخافَه، فهذا حُكْمه أن له أجرًا على التَّرْك، كما جاء في الحديث الصحيح: "مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتبَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَسَنَةً كامِلَةً" (٢)، قال: "لَأَنَّهُ إِنَّما ترَكَ ذَلِكَ مِنْ جَرَّائِي" (٣)، أي: من أَجْلي، فإذا ترَكْتها للَّه تعالى فإنه فإنَّك تُؤجَر على ذلك.

ولو أنَّ الإنسان همَّ بالمَعْصية وفعَل الأسبابَ، لكن ترَكها لا للَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا لعِباد اللَّه تعالى، هل يَأثَم أو ما يَأثَم؟


(١) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، رقم (٣١)، ومسلم: كتاب الفتن، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، رقم (٢٨٨٨)، من حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة، رقم (٦٤٩١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت، وإذا هم بسيئة لم تكتب، رقم (١٣١)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.
(٣) أخرجه ابن منده في الإيمان رقم (٣٧٦)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (٦٦٤٥)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>