الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه من المَعلوم أنَّ سُنَّة الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هي قوله وفِعْله وإقرارُه، فإذا قال ذلك عن عِيسى عَلَيْهِ السَّلَام مُقرِّرًا له صار ذلك من سُنَّته، وحينئذ فلم يَأتِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلَام بنُبوَّة جَديدة، ولم يَأتِ بتَشريع جَديد، ولا إِشْكالَ في ذلك.
وقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}: (كان) هنا مَسلوبة الزَّمان، وإنَّما يُؤتَى بها لتَحقُّق الصِّفة، وهي العِلْم، قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} منه بأَنْ لا نَبيَّ بعدَه] يَعنِي: من العِلْم الذي عَلِمه اللَّهُ تعالى أنه لا نَبيَّ بعده؛ ولهذا قال تعالى:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.
وقوله تعالى:{بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} يَشمَل حتى أعمال بَني آدَمَ؛ قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦]، قَبْل أن يَعمَله.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ:[وإِذا نزَلَ السَّيِّد عِيسَى يَحكُم بشَريعتهم] قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [إذا نَزَل السَّيِّد] واللَّه ما وصفه بهذا، ففي سورة آل عمرانَ: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} [آل عمران: ٤٦] قال: {وَجِيهًا} لكن ما قال: سَيِّد.
وعلى كل حالٍ: أنا أَخشَى أنَّ هذه الكلِمةَ دخَلت على المُفَسِّر من عِبارات النَّصارى؛ لأنَّهم دائِمًا يَقولون: السَّيِّد المَسيح، السَّيِّد المَسيح. ولا شَكَّ أنَّه سَيِّد عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ لأنه نَبيٌّ من الأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ.
يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ:[يَحكُم بشَرِيعته] وحِينئذ لا يَأتي بشَريعة جَديدة، فلا يُنافِي الآيةَ:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وقد علِمتُم أنه يَرِد على قَضية نُزول عِيسى عَلَيْهِ السَّلَام، يَرِد عليها إِيرادانِ: