للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه أَفضَلُ الأنبياء على قِراءة: {وَخَاتَمَ} بالفَتْح؛ لأنَّ الخاتَم هو الطابَع على الشيء، وهو الشيءُ الذي يَكمُل به الشيء ويَنتَهِي؛ ولهذا وصَفَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفْسه مع الأنبياء بأنه كأنه كقَصْر مَشيد يَطوف به الناس ويَقولون: ما أجملَ هذا القَصرَ! إلَّا أن فيه مَوضِعَ لَبِنة لم يَتِمَّ إلَّا مَوضِع هذه اللَّبِنةِ! فقال الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتَمُ الْأَنبِيَاءِ" (١).

فبه تَمَّتِ الرِّسالات وكمَلَت؛ ولهذا دِينُ الرسولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لاحَظوا أن دِين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- شامِل لجميع مَحاسِن الأديان، فكُلُّ مَحاسِن الأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ التي تُوجَد فيها من نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام إلى مُحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنَّ دِينه شامِل لجميع محَاسِنهم، والدليلُ على ذلك قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، فكلُّ هُدَى الأنبياءِ عَلَيْهِم السَّلَامُ قدِ اقتَدَى به النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِذَنْ فما من صَلاح في جميع الأديان وكمال إلَّا وجاء به مُحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّه لا نَبيَّ بعد محُمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، "وَخَاتِم".

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ مَنِ ادَّعى النُّبوَّة بعده فهو كاذِب، ولو جاء بما جاء به من الخَوارِق؛ لقَولِه تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وهذا خَبَر، وخبَرُ اللَّه تعالى صِدْق لا يُمكِن أن يَتطرَّق إليه الكَذِب بوَجْه من الوُجوه.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ مَن صدَّق مُدَّعِي النُّبَّوة بعد محُمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو كافِر؛ لأنه مُكذّب للقُرآن، ومُكذِّبُ القُرآن كافِر.


(١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب خاتم النبيين -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٣٥٣٥)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب ذكر كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- خاتم النبيين، رقم (٢٢٨٦)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>