الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنه لا نَبيَّ ولا رسولَ بعد محُمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو نَكتَفِي بالفائِدة التي قَبلَها، ولا نبيَّ ولا رَسولَ أيضًا إذا انتَفَتِ النُّبوةُ انتَفَتِ الرسالةُ، إذ إن الرسول نَبيٌّ وزِيادةٌ.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إثبات النُّبوَّات السابِقة؛ لقوله تعالى:{وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، و {النَّبِيِّينَ} جَمْع نَبيٍّ، وهُم كَثيرون جِدًّا، لكن الرُّسُل منهم ثلاثُ مِئة وبِضعة عشَرَ رجُلًا، لم يُذكَر منهم في القُرآن إلا خَمْسة وعِشْرون، وكلُّ مَن ذُكِر في القُرآن من الأنبياءِ فهو رَسولٌ حتى وإن لَمْ يُوصَف بالرسالة؛ لقوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ}[غافر: ٧٨]، فدَل هذا على أن كل مَن قَصَّ اللَّه تعالى علينا نَبَأَه في القُرآن فهو رسولٌ حتى وإن لم يُوصَف بالرِّسالة مثل:{إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}[مريم: ٤١]، وما أَشبَهَها.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ إقرار اللَّه تعالى للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وتَأيِيده له شاهِدٌ لصِدْق رِسالته؛ لأنه تعالى قال:{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}، فلو عَلِم اللَّه تعالى أن مُحمَّدًا غيرُ رسولٍ لكان كما قال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: ٤٤ - ٤٦]، {الْوَتِينَ}: عِرْق في القَلْب لو قُطِع مات، فكَوْن اللَّه تعالى يُؤيِّده ويَنصُره ويَفتَح على يَدَيْه، وهو يَقول: إنه رسول اللَّه تعالى، وإنه أَذِن له باستِباحة أَموالكم، وأَخْذ رِقابكم إذا لم تَدخُلوا في الإسلام، ولم تُؤدُّوا الجِزْية. يَكون هذا آيةً من آيات اللَّه تعالى له؛ ولهذا خَتَم الآية هذه التي أثبَتَت له الرِّسالة بقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}.