للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو فاصِل ما، وهذا داخِل في قوله: (أو فاصِل ما) والفاصِل هنا هو الجارُّ والمَجرور؛ ولذلك إذا قُلْت: قُمْتُ وزَيْدٌ. هذا ضعيف، والأَرجَح منه أن تَقول: قُمتُ وزيدًا. على أنها مَفعول معه، أمَّا إذا فصَلْت فقلت: قُمْت أنا وزَيْدٌ. أو قُمْتُ في الناس خَطيبًا وزَيْدٌ. وفصَلْتَ، فهذا لا بأسَ به، وهنا فَصَل بالجارِّ والمَجرور.

وقوله تعالى: {يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} أَضاف اللَّه تعالى المَلائِكة إليه من باب التَّشريف لهم؛ لأنهم ملائِكته، وهم أيضًا مخَلوقون له، والمَلائِكة كما تَقدَّم هم عالَم غَيبيٌّ خلَقَهم اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى من نُور، {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠]، {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦].

وهل يُمكِن أن يَكونوا من عالَمِ الشَّهادة؟

نعَمْ، كما جاء جِبريلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلى مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: ١٧]، وجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يَسأَله عن الإسلام والإيمان والإحسان في صورة رجُلٍ؛ شَديدِ بَياضِ الثِّياب، شَديد سَواد الشَّعْر، لا يُرى عليه أثَرُ السَّفَر، ولا يَعرِفه أحَدٌ من الصَّحابة (١)، وكما جاء في صُورة دِحيةَ الكَلْبيِّ -رضي اللَّه عنه- (٢)، وغير ذلك، لكنَّ الأصل أنَّهم عالَمٌ غَيبِيٌّ.

ولهم أَجْساد، ولا جسَدَ إلَّا برُوح، فلَهُم أَجْساد وأَرْواح؛ ولهذا سَمَّى اللَّه تعالى جِبريلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُوحًا، ورآه النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على خِلْقته مَرَّتَين، وله


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (٣٦٣٤)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أم سلمة -رضي اللَّه عنها-، رقم (٢٤٥١)، من حديث أسامة بن زيد -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>