خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" (١)، فـ "مَوْضِعُ السَّوْطِ" السَّوْط -كما يُعرَف- حوالي مِتر، خَيْر من الدُّنيا وما فيها، إذَنْ فكَرَم هذا الثوابِ يَعنِي: لا يُنسَب العمَل إليه؛ لأنه كَرَم واسِع لا نِهايةَ له {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}، اللهُمَّ اجعَلْنا وإيَّاكم منهم.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إِثْبات كلام اللَّه تعالى، وأنه يَتكَلَّم؛ لقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{سَلَامٌ}، ويُؤيِّده قوله تعالى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}[يس: ٥٨]؛ لأنه يَتكَلَّم به تعالى، ويَقوله قولًا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: البُشْرى العَظيمة للمُؤمِنين، وأنَّ اللَّه نفسه جَلَّ وَعَلَا يُحَيِّيهم بهذه التَّحيَّةِ؛ لقوله تعالى:{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ}، لو أنَّ مَلِكًا من مُلوك الدُّنيا وعَدَك بهذا، وقال: إنه سيُحَيِّيك بالسَّلام، ويُقدِّم لك القِرَى الكريم الحسَن كيف يَكون فرَحُك؟ ! فكيف إذا كان اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُخبِر عن نفسه بأنه سيُحَيِّي المُؤمِنين بهذه التَّحيةِ مع تَقديم هذا الأَجْرِ العظيمِ؛ ولهذا تُعتبر هذه الآيةُ فيها بِشارة، وهي من فَوائِدها: البِشارة العُظمى للمُؤمِنين، بأن اللَّه تعالى يُحَيِّيهم، ويُعِدُّ لهم الأَجْر الكَريم.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الآخِرة فيها آفاتٌ وأذًى يَسلَم منها مَن يَسلَم ويَعطَب فيها مَن يَعطَب؛ لقوله تعالى:{يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ}، أمَّا غيرُهم فلا سَلامَ لهم؛ لأنهم يُعذَّبون في النار، والعِياذُ باللَّه.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل اللَّه، رقم (٢٨٩٢)، من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي اللَّه عنه-.