للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {عِدَّةٍ} مُبتَدَأ مُؤخَّر مَرفوع بضَمَّة مُقدَّرة على آخِره منَعَ ظُهورَها اشتِغالُ المَحلِّ بحرَكة حَرْف الجرِّ الزائِدِ. ولو قال لنا قائِل: هل يَجوز أن نَجعَل (ما) هنا حِجازيةً؟

الجَوابُ: لا يَجوز؛ لأن خبرها مُقدَّم، وابنُ مالِك رَحِمَهُ اللَّهُ يَقول:

. . . . . . . . . . . ... مَعَ بَقَا النَّفْي وَتَرْتِيبٍ زُكِنْ (١)

قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [تُحصُونها].

والعِدَّة في اللُّغة: اسمٌ مَأخوذ من العَدَد، ولكنَّها في الاصطِلاح أو الشَّرْع: تَربُّص مُفارَقةٍ في الحياة أو في المَمات محُدودٌ شَرْعًا.

وقوله تعالى: {تَعْتَدُّونَهَا} قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [تُحصُونها بالأَقْراء وغيرِها]: [بالأَقْراء] إن كانت من ذَوات الأَقْراء، وعددُها ثلاثة قُروء، [وغيرِها] إن لم تَكُن من ذوات الأَقْراء وهُنَّ الحوامِلُ ومَن لا تَحيض لصِغَرٍ أو إِياسٍ، فالحامِلُ عِدَّتها وَضْعُ الحَمْل، ومَن لا تَحيض عِدَّتُها ثلاثة أَشهُرٍ.

قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَمَتِّعُوهُنَّ} أَعطوهُنَّ ما يَسْتَمتِعْن به، أي: إن لم يُسَمَّ لهُنَّ أَصدِقة، وإلَّا فلَهُنَّ نِصْف المُسمَّى فقَطْ، قاله ابنُ عبَّاسٍ وعليه الشافِعيُّ].

وقوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ} الفاء حَرْف عَطْف، و (مَتِّعوهن) أي: أَعطُوهُن ما يَستَمْتِعْن به من الدراهِم، ومن الثِّياب، ومن المَتاع، ومن العَقار، ومن أيِّ شيءٍ، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَطلَقها، ثُمَّ إنَّها مُطْلَقةٌ من جِهةِ الكِمِّيَّة كما أنَّها مُطلَقة من جِهة النَّوْعيَّة


(١) الألفية (ص: ٢٠).

<<  <   >  >>