للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: جَوازُ الطَّلاق قبل المَسيس؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وهذه فائِدة غير فائِدة: جَواز الطلاق مُطلَقًا؛ لأن الطلاق قبل المَسيس قد يَكون فيه شيءٌ من من غَضِّ حَقِّ المَرأة، فيُقال: هذا الرجُلُ لولا أنه عَلِم بأن فيها بَلاءً ما طلَّقَها قبل أن يَدخُل بها ويَمَسَّها، لأن العادة أنَّ الإنسان إذا تَزوَّج فإنما يَتزوَّج عن رَغبةٍ، فإذا طلَّقها قبل أن يَمَسَّها فهو دليلٌ على أن فيها شَيْئًا.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنه إذا طلَّقها قبل الجِماع فلا عِدَّةَ عليها، وهذا فيه خِلَافٌ؛ فإنَّ بعض أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ وهُمُ الجُمهور على أنه إذا خلا بها، فإن عَلَيْها العِدَّةَ فجعَلوا الخَلْوة بمَنزِلة الجِماع، وهذا هو الذي قضَى به الخُلَفاءُ الراشِدون (١)، وعليه جُمهور الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، بل جُمهور الأُمَّة، ولم يُخالِف في ذلك إلَّا نفَرٌ قليل منهم الإمامُ الشافِعيُّ (٢) رَحِمَهُ اللَّهُ في قوله الجَديد، فإنه رأَى أنه إذا لم يُجَامِعْها فلا عِدَّةَ عليها، ولو خلا بها.

ولا شَكَّ أن هذا هو ظاهِر الآية، لكن الوارِد عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ولا سِيَّما الخُلَفاءُ الراشِدون يَثبُت بأن عليها العِدَّة إذا خلا بها.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: وُجُوب المُتْعة على مَن طلَّق قبل الدُّخول؛ تُؤْخَذ من قوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ}، وهذا مُقَيَّد بالآية الأُخرى، وهي ما إذا فرَضَ لها فريضةً، فإنها إذا فرَضَ لها مَهرًا فليس عليه إلَّا نِصْف المَهْر؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧].


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦/ ٢٨٨)، وسعيد بن منصور في سننه رقم (٧٦٢)، وابن أبي شيبة (٩/ ٢٠٦)، والبيهقي (٧/ ٢٥٥).
(٢) الأم (٦/ ٥٤٥ - ٥٤٦)، ونهاية المطلب (١٥/ ١٩٣).

<<  <   >  >>