في جَوْفين لا في جوف واحِد، فصار فيها فائِدة غير ما سَبَق، وهي أنها بَيان للواقِع؛ لأن الجوْف الواحِد لا يُمكِن أن يُديرَه إلَّا قلبٌ واحدٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثباتُ الشيء بالبُرهان الذي يَكون قاطِعًا لا يَمتَرِي فيه أحَد.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن المَرأة المُظَاهَر منها ليست أُمًّا؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ}.
يَتَفرَّع على هذه الآيةِ: أنَّ جَعْلها أمًّا في الظِّهار كذِبٌ وزُورٌ ومُنكَر، ولهذا قال اللَّه تعالى في آية الظِّهار:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}[المجادلة: ٢]، فهو مُنكَرٌ لمُخالَفة الشَّرْع، وزُورٌ لمُخالَفة الواقِع والحقيقة.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: الإشارة أو التَّنْبيه على تَحريم الظِّهار، لقوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} فإذا كان اللَّهُ تعالى لم يَجْعَل ذلك، فإنه لا يَحِلُّ لنا أن نَجعَلى شيئًا لم يَجعَلْه اللَّه تعالى؛ لأن الأَمْر إلى اللَّهِ تعالى وحدَه.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الأبناءَ الأَدْعياء ليسوا بأَبناءٍ حقيقةً ولا شَرْعًا، فهم ليسوا أبناءً قَدَرًا، وليسوا أَبناءً شَرْعًا، ولهذا قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنه إذا لم يَكُن الابنُ الدَّعِيُّ ابنًا لا شَرْعًا ولا حقيقةً، فإنه لا يَحتاج إلى قَيْد يُخْرِجه من مَعنى البُنُوَّة؛ لأنه غيرُ داخِل فيها أصلًا حتى نَحتاج إلى قَيْد نُخرِجه به.
ويَتَفرَّع على هذه الآيةِ على هذه الفائِدةِ: بيانُ ضَعْفِ قول مَن يَقولُ: إن الاحتِرازَ في قوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}[النساء: ٢٣] عن ابنِ التَّبَنِّي؛ لأننا نَقول: إنه أَصْلًا لم يَدخُل حتى يُحتاجَ إلى قَيْد يُخرِجه.