حُقوقهم، وهذا أَقبَحُ بكثير من الاستِرقاق الشَّرعيِّ الإسلاميِّ؛ على أن الاستِرقاق الشرعيَّ الإسلاميَّ ليس فيه قُبْح؛ لأنك إذا تَأمَّلتَ النُّصوص الوارِدة في أحكام الرقيق وجَدْت أن الشَّرْع إنما أَباح استِرقاقهم لمَصلَحتهم؛ لأن سبَب الرِّقِّ واحِد، وأسباب الحُرِّيَّة مُتعَدِّدة، ولأن الرقيق يَجِب على مالِكه أن يُعامِله بالمَعروف.
وعلى هذا فيَكون الطريق الثالِث الذي هو إثبات الرِّقِّ بالأسباب الشرعية الإلهية هو الحَقَّ، وقد دلَّ عليه الكِتاب والسُّنَّة والإجماع، ولا يُنكِره إلَّا مُكابِر، ومَن أَنكَره فهو كافِر.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَهُ: جَواز التعبير بالبَعْض عن الكُلِّ؛ لقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} ومِنه تَفضيل اليمين على الشِّمال؛ حيث نَسَب المِلْكية إليها دون الشِّمال، ولم يُعبِّر باليد الشِّمال عن الذات أبَدًا، ولكن عَبَّر بالأَيْدي عمومًا وعَبَّر باليمين، وأمَّا التعبير بالشِّمال فلم يَرِدْ.
الْفَائِدَةُ التَّاسعَةُ: إثبات اسمٍ من أسماء اللَّه تعالى وهو الرقيب؛ في قوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} والرَّقيب بمَعنَى: الحَفيظ، والإيمان برَقابة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُوجِب للعبد كمالَ مُراقبة اللَّه تعالى والخَوْف منه، وألَّا يَتجَرَّأ على مَعصِيته، وألَّا يَتَخَلَّف عن طاعته؛ لأنه لو كان أحَدُ المُلوك -مُلوك الدنيا- قد جعَل عليك رقيبًا، فهل يُمكِنك أن تَتَكلَّم أو أن تَفعَل ما يَكون سببًا لعُقوبتك عند هذا المَلِكِ؟ الجَوابُ: لا، وهذا بالنِّسبة للمَخلوق، فرقابة الخالِق عَزَّ وَجَلَّ أكمَلُ وأعظَمُ.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: بلاغة القُرآن، حيث يَختِم الآيات بما يُناسِب الأحكامَ الموجودةَ فيها؛ لأنه لمَّا كان المَقام مَقام تَحليل وتحريم ختَمَها بقوله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} يَعنِي: فهو يُراقِبك لو خالَفْت ما شَرَع لك.