ثابِت في الإسلام، ومَن أَنكَر وُجود الرِّقِّ فقَدْ أَنكَر القُرآن والسُّنَّة وإجماع المُسلِمين، فيَكون مُرتَدًّا حتى يَتوب ويُقِرَّ بثُبوت الرِّقِّ.
والناس في هذا البابِ طرَفان ووَسَط:
١ - مِنهم مَن يَستَرِقُّ الأَحرار.
٢ - ومِنهم مَن يُنكِر ثُبوت الرِّقِّ مُطلَقًا.
٣ - ومِنهم مَن يثُبِت الرِّقَّ بأسبابه وشُروطه.
فنَسمَع عن بعض فِئات من الناس أنهم يَستَرِقُّون أولادهم ويَبيعونهم على غيرهم، وهذا كثير في أَفريقيا وفي شَرْق آسيا، حتى إن بعض الهمَج والرِّعاع ظنُّوا أن ذلك يُبيح الوَطْء بهذا المِلْك الفاسِد، فصاروا يَشتَرون من هؤلاء بَناتِهن ويَطؤُونَهن بهذا المِلْكِ الفاسِد، وهذا لا يَثبُت به المِلْك وليس سبَبًا للرِّقِّ، وقد ثبَت بالحديث الصحيح عن النبيِّ عَلَيْهِ آلصَّلَاةُ وَآلسَّلَامُ أن اللَّه تعالى قال:"ثَلَاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ"(١)، هذا قِسْم من الناس.
القِسْم الثاني: مَن يُنكِر الرِّق مُطلَقًا حتى مع وُجود أسبابه الشَّرْعية، وهذا يَقوله أُولَئِك الأُمَم المُتَمَدْينةُ التي تَزعُم الحَضارة والتَّقدُّم، لكن العجَب أنهم يُنكِرون الرِّقَّ الذي له أسباب شرعية إِلَهية، ولكنهم يَستَرِقُّون عِباد اللَّه تعالى استِرْقاقًا أشَدَّ من الاستِرقاق الإسلامي بغَيْر سبَب شَرْعيٍّ، وما مُشكِلة جنوب إفريقيا الحاضِرة الآنَ إلَّا أُنْموذَج من ذلك، فإنهم يَستَرِقُّون السُّود استِرقاقًا مُشينًا، ويَحرِمونهم من
(١) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، إثم من باع حرًّا، رقم (٢٢٢٧)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.