تِلكَ الطاعةُ؛ بِناءً على أن قوله تعالى:{مِنْ بَعْدُ} أي: من بعد التَّخيير.
أمَّا على الرأي الثاني: أن المُراد من بعد هَؤلاء النِّساءِ، فلا تَتأتَّى هذه الفائِدةُ، ولكنا ذكَرْنا أن الآية إذا صلَحَت لمَعنَيَيْن لا يَتَنافَيان فإن الواجِب حَمْلها عليهما.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنه لا يَجوز للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُطلِّق أحَدًا من نِسائه ليَتزوَّج غيرها؛ لقوله:{وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ لم يُحرِّم عليه الطلاق، وإنما حرَّم عليه أن يَتبَدَّل بهن من أزواج، وفَرْق بين الطلاق وبين أن يَتبَدَّل بهِنَّ من أزاوج.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كغيره من البَشَر، يُعْجِبه حُسْن النِّساء الظاهِر والباطِن؛ لقوله تعالى:{وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}.
ويُؤيِّد هذا قولُ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالَهِا وَحَسَبِهَا وَجَمَالَهِا وَدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ"(١).
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الوَطْء بمِلْك اليَمين أهوَنُ على المرأة من الوَطْء بالزَّواج؛ لقوله تعالى:{إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ}؛ ولهذا أَباح اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الإنسان ألَّا يَعدِل بين سَرارِيه؛ لأن الغَيْرة بينَهن ليسَت كالغَيْرة بين الزَّوْجات؛ فلهذا قال تعالى:{إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ}.
(١) أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، رقم (٥٠٩٠)، ومسلم: كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، رقم (١٤٦٦)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.