للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على كل شيء؛ لأَجْل الحذَر من مخُالَفة أَمْره؛ لأنه إذا كان سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رقيبًا على كل شيء، فإن الإنسان يَحذَر ويَخاف من مُخالَفته.

وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ} تَقدَّم نَظيرُها عِدَّة مرات، وقُلْنا: إن الماضِيَ هنا مَسلوب الدَّلالة على الزمَن؛ إذ ليس المَعنَى أن اللَّه تعالى كان في زمَن مضَى، وتَخَلَّف الحُكْم عنه في هذا الزَّمَنِ، وإنما هو لتَحقيق اتِّصاف اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالرَّقابة.

وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} على كل شيء، فيَشمَل ما كان خَفيًّا وما كان ظاهِرًا، وما كان خاصًّا بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وما كان عامًّا فيه وفي الأُمَّة، ويَشمَل ما كان من أعمال الجَوارِح، وما كان من أعمال القُلوب كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦].

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُكلَّف كغَيرِه من البشَر؛ لأنه يُحلَّل له ويُحرَّم عليه.

ويَتفرَّع على هذه الفائِدةِ: أن التَّكليف لا يُمكِن أن يَسقُط عن أحَدٍ مَهما بلَغَت مَنزِلته في الدِّين، فيَكون في ذلك رَدٌّ على أُولئِك الذين يَزعُمون أنَّ الأولياء إذا بلَغوا مَرتبة من المَراتِب سقَط عنهمُ التَّكليف؛ لأننا نَعلَم أنَّ أَعلى درَجات الخَلْق عند اللَّه تعالى همُ الأَنْبياء والرسُل عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأن أَعلاهم محُمَّد عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فإذا كان هو محُلًّا للتَّكَليف فمَن دُونَه من بابِ أَوْلى.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إِثْبات شُكْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لمَن قام بطاعَته واتَّبَع مَرْضاته، وهذا من مُقتَضى اسمه الشَّكورِ، فإن اللَّه تعالى سَمَّى نفسَه بالشَّكور في قوله تعالى: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} فمِن شُكْره أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُنْعِم على مَن قام بطاعته حَسَب ما تَقتَضيه

<<  <   >  >>