يُنسَب إلى أبيه وجَدِّه وأبي جَدِّه وهكذا، أو شامِل للأَمْرين؟
الجواب: هو شامِل للأَمْرين فالإنسان يُدعَى إلى أبيه يُقال: فلان ابن فلان ابن فلان، فالرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ محُمَّد بن عبد اللَّه بن عبد المُطَّلب، بل إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"أنَّا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ"(١)، فهو فيما يَظهَر: أنه شامِل يَعنِي: أنه جَمْع باعتِبار أفراد الناس، وجَمْع باعتِبار الآباء؛ لأن الآباء أَبٌ أَدنَى وأَبٌ فوقَه.
قال تعالى:{هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}: {هُوَ} الضميرُ يَعود على المَصدَر المَفهوم من قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ}؛ أي:{هُوَ} أي: دُعاؤُهم، وهذا نَظيرُ قوله تعالى:{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: ٨]، هو أي: العَدْل المَفْهوم من الفِعْل، فهنا فِي {هُوَ} أي: دُعاؤُهم لآبائِهم.
وقوله تعالى:{أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} أي: [أَعدَل] عند اللَّه تعالى؛ فسَّرها بعضهم باسْمِ الفاعِل: هو قَاسِط عند اللَّه تعالى، يَعنِي: هُو العَدْل عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وإنما لجَأ إلى ذلك؛ لأن المَعروف أن اسمَ التَّفضيل يَشتَرِك في أصل مَعناه: المُفضَّل والمُفضَّل عليه، فإذا قلت: فُلانٌ أَشجَعُ من فُلَان، فكِلاهما شُجَاع، لكن هذا أَشجَعُ.
فهنا إذا جعَلنا اسمَ التفضيل على بابه، وقلنا: دُعَاؤُهم لآبائِهم أَقسَطُ عند اللَّه من دُعائهم لمَن تَبنَّاهُم، صار في دُعائهم لمَن تَبنَّاهم عَدْلٌ، مع أنه لا عَدلَ فيه؛ ولذلك قال بعض المُفسِّرين: إن أَفعَلَ التَّفضيل هنا {أَقْسَطُ} بمَعنى اسم الفاعِل؛ حتى لا يَكونَ في الطرَف الثاني منه شيءٌ؛ وقال بعضُ المُفسِّرين: هو على بابه، واللغة العَرَبية تأتي باسْمِ التَّفضيل دائِمًا فيما ليس في الطرَف الآخَر منه شيء؛ ومنه
(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من قاد دابة غيره في الحرب، رقم (٢٨٦٤)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، رقم (١٧٧٦)، من حديث البراء -رضي اللَّه عنه-.