للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كغَيْره من البشَر يَتَأذَّى كما يَتَأذَّى غيره؛ لقوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ}، لكنه يَختَلِف عن غيره في قُوَّة صَبْره وتَحمُّله -صلى اللَّه عليه وسلم-، بخِلاف غيره من البشَر فإن غيرَه لا يَصبِر ويَسأَم ولا يَتحَمَّل كما يَتحَمَّل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ ولهذا كان الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَتَأذَّى من بَقائِهم مُستَأنِسين لحديث ولا يَنهاهُم حتَّى نَهاهُمُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: عِناية اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بنَبيِّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وذلك بالدِّفاع عن كل ما يُؤذِيه بقوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: كمال حَياء الرسول عَلَيْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وكَرَمه؛ لقوله تعالى: {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}، وإنما كان يَستَحيِي لشِدَّة حَيائِه، فإنه كما وُصِف: أَحْيَى من العَذراء في خِدْرها (١)، و"الَحيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ" (٢) كما ثبَتَ به الحديث عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أيضًا دَليل على كرَمه؛ لأن الكريمَ يَستَحيِي أن يُخجِل أَضيافه بقَوله: اخرُجوا! أو يُخجِلهم بالتَّبرُّم مِنهم والتَّكَرُّه لتَصرُّفهم؛ فلهذا كان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يُعامِلهم وكأنه مَسرور منهم حتى بيَّن اللَّه تعالى ذلك للصَّحابة.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أن القُرآن شامِلٌ لكلِّ شَيءٍ، يَعنِي حتى آداب الدُّخول والجُلوس والطَّعام وما أَشبَه ذلك قد بيَّنه القُرآن، فيَكون في ذلك إيضاحٌ؛ لقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩].


(١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب صفة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٣٥٦٢)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٢٣٢٠)، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب الحياء من الإيمان، رقم (٢٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شعب الإيمان، رقم (٣٦)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

<<  <   >  >>