للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَزِيرَةِ الْعَرَبِ" (١)، وهؤلاءِ بدَلَ أن يُخرِجوهم يَحتَضِنونهم.

ثُمَّ إنه لو لم يَكُن من مَضرَّة هؤلاءِ الخدَمِ الكافِراتِ إلَّا أن هؤلاء -الذين يَقولون: إنهم مُسلِمون وهُمْ كما قالوا- تَذهَب عنهمُ الغَيْرةُ من نفوسهم وكراهة الكُفَّار، حتى يَكون هؤلاء كغَيْرهم كأنهم مُسلِمون؛ لأنهم يَألَفونهم ويَرَوْنهم ويُشاهِدونهم، وكما قيل: إذا كثُرَ الإِمساسُ قَلَّ الإِحْساس.

وهذه مَسأَلة خَطيرة جِدًّا، نَسأَل اللَّه تعالى أن يُسلِّط ولاة الأُمور على مَنْعها من هذه البِلادِ؛ لأنه:

أوَّلًا: قد يَكون لا داعِيَ إلى وجود الخادِم في البيت.

ثانيًا: إذا دعَتِ الحاجة فلْتكُن مُسلِمة، من الدوَلِ المُسلِمة الفَقيرة التي يَنتَفِع المُسلِمون بما يُدْفَع لهذه الخادِمِ من الأُجْرة، أمَّا أن يَجعَل كُفَّارًا يُؤخَذ من أُجورهم ما تُعْمَر به الكَنائِسُ وما يُقَوَّى به دَعوة التَّنصير فإن هذا -لا شَكَّ عند التَّأمُّل فيه-: يَجِد هؤلاءِ القَوْمُ الذين يَستَخدِمون الكافِراتِ والكافِرين: أنهم مخُطِئُون خطَأً عظيمًا فادِحًا إن كان لهم قُلوب.

فأمَّا إن كان قُلوبهم قد عمِيَت، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦]، فيُمكِن أن قلوبهم قد مَرِضت وصَدَأَت من المَعاصي وعدَم المُبالاة وعدَم الغَيْرة، فلا يُحِسُّون بهذا الأَمرِ الخَطير، ولكن بلَغَني أن رجُلًا كان من أهل الخير وقدِ اغْتَرَّ ببعض هؤلاء الخَدَمِ، كان يَجلِس مع أولادِه ويُعلِّمهم مَبادِئ


(١) أخرجه البزار في مسنده رقم (٢٣٠)، من حديث عمر -رضي اللَّه عنه-. وهو عند مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، رقم (١٧٦٧)، بلفظ: "لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب".

<<  <   >  >>