للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلام فقال لواحِد من الصِّغار: مَن ربُّك؟ قال: ربِّي عِيسى ابنُ مَريَمَ! ! من أين جاء هذا الطِّفلُ وهو في عُشِّ المُسلِمين إلَّا من هذه الخادِمةِ، هذه الخادِمةُ قد تَكون مَغرورة ومخَدوعة في بني قومها ولا تَعرِف إلَّا هذا، لكن هذا الطِّفلُ عاشَ بين المُسلِمين كيف لا يَعرِف إلَّا هذا؟ ! فهذا من الخَطَرِ العظيم بالنِّسبة لهؤلاء الخَدَمِ من الكُفَّار والكافِرات، نَسأَل اللَّه تعالى السلامةَ.

المُهِمُّ: أن كثيرًا من أهل العِلْم رَحمهم اللَّه يَقولون: إن مَعنَى قوله تعالى: {وَلَا نِسَائِهِنَّ} أي: المُؤمِنات ولا النِّساء المُشارِكات لهُنَّ في الإيمان؛ لأن المُضاف من جِنْس المُضاف إليه.

وقال بعضُ العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ: المُراد بنِسائِهنَّ ما كان من جِنْسهنَّ؛ أي: النِّساء اللاتي يُشارِكْنَهنَّ في الأُنوثة؛ فهو من باب إضافة الجِنْس إلى جِنْسه، وهذا القولُ هو مَذهَب الإمامِ أَحمدَ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ المَشهورِ مِن مَذهَبه، وهو أَقرَب إلى الصواب؛ لأن تَعلُّق المرأة بالمرأة لا يَختَلِف باختِلاف الدِّين، وليس كتَعلُّق الرجُل بالمَرأة، فالصواب أن المُراد بنِسائِهنَّ أي: النِّساء اللاتي من جِنْسهِنَّ في الأُنوثة.

فإن قال قائِل: لماذا قُلْنا في الآية الأُولى: إن فيها مُستَثْنًى منه، وهمُ الرِّجالُ، وفي الآية الأُخرى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ} أي: النساءِ؟

فالجَوابُ: لأن قوله تعالى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} يَتعَلَّق بشَيْئَين: سائِل ومَسؤول؛ ففي الأَوَّل علَّق الخِطاب بالسائِل، وفي الثاني علَّق بالمَسؤُول من باب التَّفنُّن، ولأَجْل أن يَشمَل هذا ما إذا كانت المسألةُ في سُؤال المَتاع وفي غيرِه.


(١) انظر: المغني (٧/ ١٠٥)، والشرح الكبير (٧/ ٣٥١).

<<  <   >  >>