الْفَائِدَة الأُولَى: أن أذِيَّة اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- من كَبائِر الذُّنوب، وجهُ ذلك أن اللَّه تعالى تَوعَّد عليها باللَّعْن والعَذاب، وكلُّ شيء تَوعَّد اللَّه تعالى علَّيْه باللَّعْن أو العَذاب فإنه من كبائر الذُّنوب.
وقدِ اختَلَف العُلَماء رَحِمَهُم اللَّهُ في الكبائِر هل تُعَدُّ أو تُحَدُّ، فمِنهم مَن عدَّها عَدًّا، ومِنهم مَن حدَّها حَدًّا، وقالوا: إن الكبيرة كل ما رُتِّب عليه عُقوبة خاصَّة فهو كبيرة، وهذا حدٌّ لشَيْخ الإسلام ابنِ تَيميَّةَ (١) رَحِمَهُ اللَّهُ: كلُّ ذَنْب رُتِّب عليه عُقوبة خاصَّة دُنيوية أو أُخروية؛ فإنه من كبائر الذُّنوب، سواء كان لَعْنة أو غضَبًا أو نَفيَ إيمان أو تَبرُّؤًا منه أو عَذابًا، وما أَشبَه ذلك، فكلُّ شيء له عُقوبة خاصَّة فهو من كبائِر الذُّنوب.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بَيان كَمال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنه إذا كان يَتأذَّى من الأَشياء المُنكَرة التي لا تَليق به دلَّ ذلك على كَماله؛ ولهذا عِند الناس من العَيْب أن الإنسان لا يَتَأذَّى بما يُوصَف به من عَيْب؛ ولهذا يُسمُّون مِثْل هذا الرَّجُل يُسمُّونه (الحِمار)؛ لبَلادته وعدَم أَهمِّيته، فهو لا يُفرِّق بين مَن يَمدَحه ومَن يَقدَح فيه؛ كلُّه سَواءٌ عنده، لكن الإنسان الذي يَتأذَّى للعَيْب هذا الذي له شُعور وعاطِفة، ثُمَّ إذا صبَر واحتَسَب واستَعمَل الحِكْمة في ذلك كان خيرًا.